البلاغ رقم 602/1994، هوفمان ضد هولندا

اعتمدت الآراء في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، الدورة الرابعة والستون*

مقدم من: كورنيليس هوفمان [يمثله السيد ل. ج. ل. هوكيلس، محام في هآرليم]
الضحية المدعاة: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: هولندا
تاريخ البلاغ: 26 أيار/مايو 1994
تاريخ اتخاذ قرار بشأن المقبولية: 3 تموز/يوليه 1996

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد اجتمعت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1998،
وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 602/1994 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من كورنيليس هوفمان بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية المتاحة لها من مقدم البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد ما يلي:
آراء اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري
1 - مقدم البلاغ هو كورنيليس ب. هوفدمان، وهو مواطن هولندي من مواليد عام 1952 ، ويدعى مقدم البلاغ أنه كان ضحية لانتهاك من جانب هولندا للمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك لحقه في احترام حياته الخاصة والعائلية، ولحقه في النظر بصورة عادلة في قضيته، وهو الحق الذي تكفل حمايته المادتان 6 (الفقرة 1) و 8 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويمثله السيد ل. ج. ل. هوكلز، وهو محام في هارلم.

الوقائع كما أوردها مقدم البلاغ
2-1 عاش مقدم البلاغ ورفيقته معا كرجل وإمرأة غير متزوجين من كانون الثاني/يناير 1986 حتى وفاتها في 14 شباط/فبراير 1991. وفي 26 شباط/فبراير 1991، تقدم مقدم البلاغ بطلب للحصول على معاش أو استحقاق مؤقت بموجب القانون العام للأرامل والأيتام. وفي 26 نيسان/أبريل 1991، رفض مصرف الضمان الاجتماعي، المسؤول عن تنفيذ القانون العام للأرامل والأيتام، طلب مقدم البلاغ استنادا إلى أنه لا يستوفي الشروط التي حددها القانون، نظرا لعدم زواجه من المتوفاة. واستند ذلك القرار إلى المادتين 8 و 13 من القانون، اللتين تنصان على عدم منح معاش تقاعدي أو استحقاقات مؤقتة إلا لأرمل أو أرملة الزوج (المؤمن عليه/عليها).
2-2 وفي 12 أيار/مايو 1991، تقدم مقدم البلاغ بطعن إلى مجلس الطعون، قائلا إن التمييز الذي يفرضه مصرف الضمان الاجتماعي بين المتزوجين وغير المتزوجين من الرجال والنساء المتعاشرين، بالنسبة لأغراض استحقاقات القانون العام للأرامل والأيتام، هو تمييز يرقى إلى حد التمييز المحظور بالمعنى الوارد في المادة 26 من العهد الدولي. وفي 2 كانون الأول/ديسمبر 1991، أعلن رئيس مجلس الطعون أن الطعن لا يستند إلى أساس، معتمدا في ذلك على قرار اتخذته في 28 شباط/فبراير 1990 أعلى محكمة مختصة بنظر قضايا الضمان الاجتماعي، وهي المجلس المركزي للطعون، في قضية مماثلة لقضية مقدم البلاغ.
2-3 وفي ذلك القرار (المتعلق أيضا بالقانون العام للأرامل والأيتام)، أشار المجلس المركزي للطعون إلى أنه، تمشيا مع آراء اللجنة في البلاغ رقم 180/1984 (داننغ ضد هولندا)1، تقرر بالفعل، في القضايا المتعلقة بقانون استحقاقات المرض، أن التفرقة، في تشريعات الضمان الاجتماعي في هولندا، بين المتزوجين وغير المتزوجين من الرجال والنساء المتعاشرين لا ترقى إلى حد التمييز المحظور بالمعنى الوارد في المادة 26 من العهد الدولي. ووفقا للمجلس المركزي للطعون، فإن الأوضاع والآراء الاجتماعية السائدة في ذلك الوقت (1987) بالنسبة للزواج والمعاشرة لم تتغير بالصورة التي تدعو إلى استخلاص أن القيود المحددة في القانون العام للأرامل والأيتام تشكل انتهاكا للمادة 26 من العهد الدولي. وأشار المجلس المركزي للطعون في هذا الصدد إلى أن استحداث الهيئة التشريعية، في ضوء التنقيح الأخير لنظام الضمان الاجتماعي، لمبدأ المساواة في معاملة الرجال والنساء غير المتزوجين الذين يتقاسمون أعباء الأسرة المعيشية، لا يعني بالضرورة أن القيود التي لا تزال سارية بموجب القانون العام للأرامل والأيتام (أي أنه لا يحق الحصول على معاش تقاعدي أو استحقاقات مؤقتة إلا لأرمل أو أرملة الزوج المؤمن عليه/عليها) هي قيود ترقى إلى حد التمييز المحظور بموجب المادة 26 من العهد الدولي. وأضاف المجلس المركزي للطعون أنه حتى وإن لم يحدث أي تمييز، فإن الحكومة الهولندية تظل بطبيعة الحال حرة في أن تسعى إلى كفالة المساواة في المعاملة بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين.
2-4 وفي 24 كانون الأول/ديسمبر 1991، تقدم مقدم البلاغ بطعن إلى مجلس الطعون بكامل هيئته ضد القرار المؤرخ 2 كانون الأول/ديسمبر 1991، تعلل فيه بأن النتائج التي انتهى إليها المجلس المركزي للطعون في القضية الأخرى كانت تستند إلى الأوضاع والآراء الاجتماعية المتعلقة بالزواج والمعاشرة التي كانت سائدة في عام 1987، وأن المجلس المركزي للطعون لم يستبعد إمكانية أن تصبح تلك الأوضاع والآراء عرضة للتغيير خلال فترة زمنية قصيرة؛ وبالتالي، فإن حرمان غير المتزوجين المتعاشرين من استحقاقات القانون العام للأرامل والأيتام يرقى إلى حد التمييز المحظور بالمعنى الوارد في المادة 26 من العهد الدولي. وأشار مقدم البلاغ إلى أن الوقت المعني في قضيته هو 14 شباط/فبراير 1991، عندما توفيت رفيقته؛ وتحجج بأنه في ذلك الوقت كانت قد طرأت تغييرات على الأوضاع والآراء السائدة في المجتمع فيما يتعلق بالزواج والمعاشرة دون زواج.
2-5 وفي هذا السياق، أشار مقدم البلاغ إلى المقتطفات التالية من المذكرة التفسيرية للقانون العام الجديد المقترح بشأن أقارب المتوفين، الذي نوقش في مجلس النواب في الفترة 1990-1991:
- “إن القانون العام للأرامل والأيتام أصبح بحاجة للتنقيح. فالتغييرات التي حدثت في المجتمع منذ بدأ سريان ]القانون[ عام 1959 تبرر هذا الاستنتاج”؛
- “وثمة سبب ثالث لتنقيح القانون العام للأرامل والأيتام يتمثل في الرغبة في كفالة المساواة في المعاملة بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين. وتنقيح القانون العام للأرامل والأيتام يجسد ]...[ الهدف المتمثل في عدم التمييز بين مختلف أشكال المعاشرة”؛
- “]...[ ولو تعذر كفالة المساواة في المعاملة بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين في القانون العام الجديد المقترح، فإن ذلك سيشكل تناقضا في نظام الضمان الاجتماعي. ولو جرى استبعاد القانون العام الجديد، فقد تنشأ حالات لا يمكن تبريرها. ومن ذلك المنظور أيضا، ترى الحكومة ضرورة كفالة المساواة في المعاملة بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين في القانون العام الجديد المقترح”.
ووفقا لمقدم البلاغ، فإن صياغة القانون العام الجديد وآراء الحكومة بصورتها الواردة في المذكرة التفسيرية لذلك القانون تبين أن الأوضاع والآراء المتعلقة بالزواج والمعاشرة السائدة في المجتمع عام 1991 تختلف عن تلك التي كانت سائدة عام 1987.
2-6 وفي 26 أيار/مايو 1992، رفض مجلس الطعون الطعن الذي تقدم به مقدم البلاغ؛ ورجع في ذلك إلى حكم أصدره في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1991 المجلس المركزي للطعون. ففي تلك القضية، قرر المجلس المركزي للطعون أنه في تشرين الأول/أكتوبر 1991، لم تكن القيود المنصوص عليها في القانون العام للأرامل والأيتام، والتي تقضي بألا يحق إلا للأرمل أو الأرملة الحصول على استحقاقات القانون، لم تكن ترقى بعد إلى حد التمييز المحظور بالمعنى الوارد في المادة 26 من العهد الدولي. وبناء على ذلك، خلص مجلس الطعون إلى أن نفس الرأي يمكن أن يُساق في قضية مقدم البلاغ، وأن المقترحات المقدمة في القانون العام الجديد لم تغير من الأمر شيئا.
2-7 وفي 27 حزيران/يونيه 1992، تقدم مقدم البلاغ بطعن إلى المجلس المركزي للطعون، متعللا بأنه وفقا للاجتهاد القانوني للمجلس المركزي للطعون نفسه، فإن تاريخ وفاة الرفيقة التي كان مقدم البلاغ يعيش معها هو تاريخ وثيق الصلة بمسألة ما إذا كان الاختلاف في المعاملة بموجب القانون العام الجديد بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين يشكل تمييزا محظورا بالمعنى الوارد في المادة 26 من العهد الدولي؛ وبمسألة ما إذا كان ينبغي بالتالي تقييم تغير الأوضاع والآراء المتعلقة بالزواج والمعاشرة السائدة في المجتمع اعتبارا منذ ذلك الوقت. وأشار مقدم البلاغ إلى الحكم الذي أصدره المجلس المركزي للطعون في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1991 بشأن طلب تقدم به شخص توفيت رفيقته في 6 شباط/فبراير 1988 للحصول على استحقاقات بموجب القانون العام للأرامل والأيتام؛ وتحجج بأنه ولئن كان المرء لا يزال يمكن أن تساوره الشكوك عام 1988 بشأن ما إذا كانت قد طرأت تغييرات يُعتد بها في الأوضاع والآراء الاجتماعية، فإن المرء لا يمكن أن يتشكك في ذلك عام 1991، حيث أنه في ذلك الوقت كان القانون العام الجديد المقترح، بما يقرره من مبدأ المساواة في المعاملة بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين معروضا على مجلس النواب؛ وأن كون القانون العام الجديد لم يكن قد بدأ نفاذه بعد لا يغير من الأمر شيئا.
2-8 وفي 17 حزيران/يونيه 1993، أكد المجلس المركزي للطعون الحكم الصادر عن مجلس الطعون في 26 حزيران/يونيه 1992؛ ورجع في ذلك إلى اجتهاده القانوني السابق فيما يتعلق بالموضوع (بما في ذلك حكم صادر في 24 أيار/مايو 1993)، وأشار إلى أنه قد قرر بالفعل أن الهيئة التشريعية هي المخولة بتحديد فئات المعاشرة التي تستحق الحصول على معاشات تقاعدية أو استحقاقات عقب وفاة أي من الرفيقين، وأنه لا يرى ما يدعو إلى أن يتدخل في التشريع المقترح (أي في القانون العام الجديد المقترح). وبذلك، يقول مقدم البلاغ إنه استنفد كل أشكال الانتصاف المحلية.
الشكوى
3-1 يدعي مقدم البلاغ أن حياته الخاصة والعائلية لم تحظ بالاحترام الواجب، حيث حُرم من استحقاقات القانون العام للأرامل والأيتام لا لشيء إلا لكونه غير متزوج. ويشير إلى أنه بمقتضى العديد من قوانين الضمان الاجتماعي الأخرى، يُعامل المتعاشرون غير المتزوجين معاملة المتزوجين، وأنه ورفيقته قد استوفيا المعايير المستخدمة في تلك القوانين (السكن المشترك والمساهمة المشتركة في تكاليف الأسرة المعيشية). ويقول في هذا السياق إنه ورفيقته كانا عاطلين عن العمل ويتلقيان استحقاقات بطالة كشخصين “متزوجين” بموجب القانون ذي الصلة بحالتهما. غير أنه لكي يحصل على استحقاقات بموجب القانون العام للأرامل والأيتام، كان سيتعين عليه أن يتزوج أولا؛ ويقول مقدم البلاغ إن هذا الاستنتاج المفتعل يشكل تدخلا تعسفيا في حياته الخاصة.
3-2 ويرجع مقدم البلاغ إلى الحجج التي ساقها أمام مجلس الطعون والمجلس المركزي للطعون؛ ويكرر قوله إن الأوضاع والآراء السائدة في المجتمع فيما يتعلق بالزواج والمعاشرة قد تغيرت، ويدعي أن عدم المساواة في المعاملة بموجب القانون العام للأرامل والأيتام بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين يرقى إلى حد التمييز المحظور بالمعنى الوارد في المادة 26 من العهد الدولي.
3-3 ويقول مقدم البلاغ كذلك إنه لم يُنظر بصورة عادلة في قضيته فيما يتعلق بإقرار حقه في الحصول على استحقاق المعاش، لأن القانون المطبق كان قانونا تمييزيا.
3-4 وأوضح مقدم البلاغ أن نفس هذه المسألة لم تُعرض على اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان.
ملاحظات الدولة الطرف وتعليقات مقدم البلاغ عليها
4 - في الرد المؤرخ 30 آب/أغسطس 1995، لم تعترض الدولة الطرف على مقبولية دعوى مقدم البلاغ بموجب المادة 26 من العهد الدولي. غير أنه فيما يتعلق بدعاواه بموجب المادتين 6 و 8 من الاتفاقية الأوروبية، تشير الدولة الطرف إلى أن هذه الدعاوى تتعلق باتفاقية أخرى خلال العهد الدولي، وإلى أن مقدم البلاغ، علاوة على ذلك، لم يتقدم بدعاواه إلى المحاكم الهولندية. ولذلك، تخلص الدولة الطرف إلى عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ.
5 - وتعليقا على رسالة الدولة الطرف، يقول مقدم البلاغ إن دعاواه بموجب المادتين 6 و 8 من الاتفاقية الأوروبية ينبغي أن يُنظر فيها مقترنة بدعواه المقدمة بموجب المادة 26 من العهد الدولي، وبالتالي ينبغي اعتبارها مقبولة.
قرار اللجنة بشأن المقبولية
6-1 نظرت اللجنة في مقبولية البلاغ في دورتها السابعة والخمسين. وأشارت إلى أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية دعوى مقدم البلاغ بموجب المادة 26 من العهد الدولي. ورأت اللجنة أن البت في مسألة ما إذا كانت التفرقة في معاملة مقدم البلاغ، نتيجة لحالته الاجتماعية، هي تفرقة غير معقولة أو تعسفية، ينبغي أن يكون على أساس موضوع الدعوى، في سياق التزامات الدولة الطرف بموجب الفقرة 1 من المادة 23 من العهد الدولي. ودعت الدولة الطرف إلى تفسير الأساس الذي استندت إليه في هذه التفرقة في المعاملة، فضلا عن الالتزامات والاستحقاقات المختلفة التي يرتبها القانون، في الوقت الفعلي للقضية، للمتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين.
6-2 وأشارت اللجنة إلى اعتراضات الدولة الطرف على مقبولية دعاوى مقدم البلاغ بعدم النظر بصورة عادلة في قضيته، وبالتدخل في حياته الخاصة والعائلية. غير أن اللجنة لاحظت أن المادتين 6 (الفقرة 1) و 8 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية مماثلتان في محتواهما للمادتين 14 (الفقرة 1) و 17 من العهد الدولي. وذكرت اللجنة بأنه وإن كان يتحتم على مقدمي البلاغات الاستناد إلى الحقوق الجوهرية الواردة في العهد الدولي، فإنه لأغراض البروتوكول الاختياري، لا يلزم عليهم بالضرورة الرجوع إلى مواد بعينها من مواد العهد الدولي.
6-3 وقد ادعى مقدم البلاغ أن التفرقة في المعاملة بموجب القانون العام للأرامل والأيتام بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين تشكل انتهاكا لحقه في توفير الاحترام الواجب لحياته الخاصة والعائلية. وأشارت اللجنة إلى أن المعلومات المعروضة عليها تبين أن الدولة الطرف لم تتدخل في أي وقت من الأوقات في قرار مقدم البلاغ بمعاشرة رفيقته معاشرة الأزواج دون أن يتزوجها، وأن مقدم البلاغ كان حرا في الزواج أو عدم الزواج من رفيقته. أما أن يكون هناك قرار اتخذ بحرية فيما يتعلق بالحياة الخاصة لشخص ما قد تترتب عليه آثار قانونية معينة في مجال الضمان الاجتماعي، فهو أمر لا يمكن اعتباره تدخلا تعسفيا أو غير مشروع من جانب الدولة الطرف بموجب المادة 17 من العهد الدولي. لذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ لا يتمتع بالمقبولية بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري، نظرا لتعارضه مع أحكام العهد الدولي.
6-4 وفيما يتعلق بدعوى مقدم البلاغ كذلك أنه لم يُنظر بصورة عادلة في قضيته فيما يتعلق بإقرار حقه في الحصول على استحقاق المعاش، فقد أشارت اللجنة إلى أنه لم يقدم أية معلومات تثبت، بالنسبة لأغراض المقبولية، عدم عدالة النظر في قضيته بشأن إقرار حقه في المطالبة بمعاش تقاعدي. لذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ لا يتمتع بالمقبولية بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
7 - وبالتالي، قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في 3 تموز/يوليه 1996، مقبولية البلاغ من حيث إثارته لمسائل تندرج في إطار المادة 26، مقترنة بالمادة 23 (الفقرة 1)، من العهد الدولي.
رسالة الدولة الطرف بشأن الجوانب الموضوعية وتعليقات مقدم البلاغ
8-1 في الرسالة المؤرخة 6 شباط/فبراير 1997، تشير الدولة الطرف إلى قرار اللجنة في البلاغ رقم 180/1984 (داننغ ضد هولندا). وتقول في تفسيرها أن الزواج في هولندا يرتب آثارا قانونية محددة لا تنطبق على غير المتزوجين المتعاشرين. فهم أحرار في أن يختاروا الدخول في علاقة زواج من عدمه؛ وإذا ما اختاروا ذلك، فإنهم يخضعون لمجموعة مختلفة من القوانين. فالقانون المدني الهولندي يتضمن العديد من الأحكام التي لا تنطبق إلا على المتزوجين من الرجال والنساء. فالشخص المتزوج مثلا ملزم بالإنفاق على زوجه؛ كما أن الزوج مسؤول بصورة مشتركة عن الديون المتكبدة فيما يتعلق بالأملاك المشتركة؛ والشخص المتزوج ملزم بالحصول على إذن زوجه فيما يتعلق بأمور معينة. كما أن قانون الزواج يغطي الحقوق والالتزامات في حالة الطلاق. وبالمثل، فإن قانون الميراث يفرق بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين. وتقول الدولة الطرف إن الوضع القانوني الذي استندت إليه اللجنة في قرارها في قضية داننغ لم يطرأ عليه تغير في عام 1991، وهو التاريخ الذي تقدم فيه مقدم البلاغ بطلب للحصول على استحقاق بموجب القانون العامل للأرامل والأيتام.
8-2 وتقول الدولة الطرف في تفسيرها إن القانون العام للأرامل والأيتام، الذي ظل ساريا حتى 1 تموز/يوليه 1996، كان يعبر عن الأحكام الواردة في القانون المدني. فبموجب القانون العام للأرامل والأيتام، يقوم كل الأشخاص ذوي الدخول المؤمن عليهم بتسديد اشتراكاتهم؛ ولا يغطي خطر الوفاة إلا إذا ظل التأمين مستمرا على رفيق الزواج الذي يتوقف على وفاته الحق في الحصول على استحقاق. وكان الغرض من القانون العام للأرامل والأيتام، الذي بدأ نفاذه في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1959، يتمثل في توفير حد أدنى من الدخل لأرملة الشخص التي لا تعتبر قادرة على إعالة نفسها بدخلها الخاص. وكانت الشروط المحددة لاستحقاق المعاش التقاعدي تقضي بأن تكون الأرملة، في وقت وفاة زوجهـا: (أ) تعـول طفـلا غير متزوج، أو (ب) حاملا، أو (ج) عاجزة عن العمل، أو (د) بلغت الأربعين من عمرها أو أكثر. وفي حال عدم توافر أي من هذه الشروط، لا يحق للأرملة أن تحصل إلا على استحقاق مؤقت.
8-3 وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 1988، قرر المجلس المركزي للطعون أن القيود التي يفرضها القانون العام للأرامل والأيتام على منح استحقاقات إلى الأرامل هي قيود تتعارض مع المادة 26 من العهد الدولي؛ ومنذ ذلك الحين أصبح يحق للأرامل من الرجال الحصول على استحقاقات، بنفس الشروط التي تخضع لها الأرامل من النساء، لحين صدور تشريع جديد.
8-4 وتقول الدولة الطرف بأنه لا يزال هناك العديد من الفروق القانونية بين الزواج والمعاشرة دون زواج، وأن المساواة في المعاملة ليست أمرا ثابتا في حد ذاته بأي حال من الأحوال، ولا يمكن المطالبة به استنادا إلى مجرد حدوث تغير في المناخ الاجتماعي. ولا تقبل الدولة الطرف القول بأن استعدادها لأن تدمج في تشريعاتها مبدأ المساواة في المعاملة، بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين، يعني أنها ملزمة بمعاملة هاتين الفئتين على قدم المساواة دون اتخاذ تدابير تشريعية بهذا المعنى، أو قبل اتخاذ تلك التدابير التشريعية.
8-5 وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف أيضا إلى رسالتها بشأن البلاغ رقم 395/1990 (شبرينغر ضد هولندا)2، وتؤكد أنها لم تتخذ في أي وقت من الأوقات قرارا بإلغاء التفرقة في المعاملة بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين. غير أن الدولة الطرف، في اضطلاعها ببرنامج تشريعي واسع النطاق، تستجيب إلى التحولات التي تطرأ على الآراء الاجتماعية بخصوص هذه المسألة، وتهدف إلى أن تتحقق تدريجيا المساواة في المعاملة في القوانين المتصلة بالمسألة. ومع ذلك، تشدد الدولة الطرف على أن كل قانون يجري بحثه على حدة لتحديد ما إذا كان بحاجة إلى تعديل. وترى الدولة الطرف أنه رغم إدماج المساواة في المعاملة بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين في التشريع الضريبي عام 1983، وفي بعض مخططات التأمينات الاجتماعية والمساعـدة الاجتماعيـة عامـي 1987 و 1988، فإن ذلك لا يعني أنه يمكن الاستناد إلى مبدأ المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالتشريعات الأخرى قبل أن يصدر ذلك المبدأ رسميا في شكل قانون. وفي هذا الصدد، تنضم الدولة الطرف إلى الرأي المنفرد للسادة آندو وهرندل وندياي في الحكم في قضية سبرينغر، والذي جاء فيه أن المادة 26 ينبغي أن يُنظر إليها كتعهد عام من جانب الدول الأطراف في العهد الدولي بأن تستعرض تشريعاتها بصورة منتظمة لكفالة توافقها مع الاحتياجات المتغيرة للمجتمع.
8-6 وفي القضية المعروضة، رأى المجلس المركزي للطعون أن الهيئة التشريعية هي المخولة بتحديد ما إذا كان ينبغي معاملة المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين على قدم المساواة بالنسبة لأغراض المعاشات التقاعدية للأرامل من النساء والرجال.
8-7 وفيما يتعلق بما يدفع به مقدم البلاغ من أنه ورفيقته كانا يتلقيان استحقاقات بطالة باعتبارهما شخصين متزوجين، تفسر الدولة الطرف ذلك بأن استحقاقات البطالة التي كان مقدم البلاغ يتلقاها لم تكن من استحقاقات التأمينات الاجتماعية وإنما من استحقاقات المساعدة الاجتماعية، المقصود بها تمكين الأشخاص الذين يفتقرون إلى أي مورد آخر للدخل من إعالة أنفسهم. وهي لا تمنح إلا للأشخاص الذين لا يملكون أي مورد للدخل، أو من تقل دخولهم عن الحد الأدنى الذي تحدده الحكومة. وتُدفع هذه الاستحقاقات من الأموال العامة، ويتوقف حجمها على الحالة الفعلية، كما أنها تتحدد حسب الموارد المتاحة للأشخاص. فالأشخاص المتزوجون وغير المتزوجين المتعاشرين وغير المتزوجين الذين يشتركون في مسكن واحد تكون تكاليفهم أقل، وبالتالي يتلقون استحقاقات منخفضة.
8-8 وتشير الدولة الطرف إلى تشريعها الجديد، المسمى قانون المعالين الباقين على قيد الحياة، الذي بدأ نفاذه في 1 تموز/يوليه 1996. فهو ينص على منح استحقاقات للمعالين الباقين على قيد الحياة: (أ) الذين يعولون ولدا غير متزوج تقل سنة عن 18 سنة ولا يعيش في أسرة معيشية أخرى؛ أو (ب) العاجزون عن العمل؛ أو (ج) المولودون قبل 1 كانون الثاني/يناير 1950. وتتحدد الاستحقاقات حسب الموارد المتاحة للأشخاص. وتشير الدولة الطرف إلى أن مقدم البلاغ لا يستحق معاشا تقاعديا بموجب التشريع الجديد، حيث أنه لا يستوفي أيا من الشروط المنصوص عليها في التشريع.
8-9 وفي هذا السياق، تشير الدولة الطرف إلى أن المدة التي استغرقتها مناقشة التشريع الجديد (قدم القانون في 12 شباط/فبراير 1991) والمشاكل التي صودفت خلالها دليل على أنه لا يتضح بأي حال من الأحوال أنه ينبغي معاملة المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين معاملة متساوية خارج إطار برنامج تشريعي دقيق وواسع النطاق.
9 - وفي تعليقاته على رسالة الدولة الطرف، أشار المحامي إلى أن الدولة الطرف تقدم معلومات عامة عن التفرقة بين المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين، غير أنها لا تفسر الأسباب المحددة للتفرقة المتضمنة في القانون العام للأرامل والأيتام. ويقول إن مقدم البلاغ كان ملزما بتسديد اشتراكات بموجب القانون العام للأرامل والأيتام باعتباره شخصا متزوجا، وإن كان لم يثبت حقه في الحصول على استحقاقات من القانون باعتباره شخصا متزوجا. وقال إن ذلك يشكل تمييزا بالمعنى الوارد في المادة 26.
10-1 وفي رسالة أخرى مؤرخة 16 آذار/مارس 1998، أوضحت الدولة الطرف أن القانون العام للأرامل والأيتام هو خطة للتأمينات الوطنية للتأمين على كل سكان هولندا ممن تجاوزوا سن الخامسة عشرة. والمعاشات التقاعدية التي تدفع في إطار الخطة تمول من الاشتراكات التي يسددها المؤمن عليهم. وتتحدد الاشتراكات حسب الموارد المتاحة للأشخاص، بحيث تكون نسبة الاشتراك واحدة لجميع المؤمن عليهم. وتشدد الدولة الطرف على أن الحالة الاجتماعية لا يؤخذ في الحسبان على الإطلاق عند تحديد اشتراك أي شخص في المخطط. وتخلص الدولة الطرف إلى أنه لم يكن هناك أي انعدام في المساواة على أساس الوضع العائلي فيما يتعلق بالأشخاص المؤمن عليهم بموجب القانون العام للأرامل والأيتام.
10-2 وأوضحت الدولة الطرف كذلك أن القانون العام للأرامل والأيتام يفرق بين معاشات القانون وبين المعاشات المؤقتة. فمعاشات القانون استحقاقات طويلة الأجل يستمر صرفها حتى يصل الشخص سن الخامسة والستين. أما الاستحقاقات المؤقتة، فهي استحقاقات قصيرة الأجل تصرف لمدة أقصاها 19 شهرا، وتقتصر على الأرامل من النساء والرجال الذين لا يعولون أولادا غير متزوجين، وغير الحوامل، وغير العاجزين عن العمل، ومن لم يبلغوا الأربعين من العمر بعد. وتقول الدولة الطرف إن هؤلاء الأشخاص يعتبرون قادرين على إعالة أنفسهم، ومن ثم فهم غير مؤهلين للحصول على معاش بموجب القانون العام للأرامل والأيتام؛ غير أنه يُصرف لهم استحقاق مؤقت لإعطائهم فسحة من الوقت للتكيف مع أوضاعهم.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
11-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة لها من الطرفين، وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5، من البروتوكول الاختياري.
11-2 وتتمثل المسألة المعروضة على اللجنة فيما إذا كان مقدم البلاغ ضحية لانتهاك للمادة 26 من العهد الدولي، بحرمانه من معاش أرمل على أساس حالته الاجتماعية. وتشير اللجنة إلى أنه يبدو، من المعلومات المعروضة عليها، أن مقدم البلاغ، حتى ولو كان متزوجا من رفيقته بدلا من معاشرتها معاشرة الأزواج دون زواج، ما كان يحق له الحصول على معاش تقاعدي بموجب القانون العام للأرامل والأيتام، حيث أنه لم يبلغ الأربعين من العمر، وليس عاجزا عن العمل، وليس لديه أولاد غير متزوجين يعولهم. ومن ثم، فإن المسألة المطروحة على اللجنة تنحصر فيما إذا كان يستحق استحقاقا مؤقتا فحسب.
11-3 وقد ادعى مقدم البلاغ أنه سدد اشتراكات بموجب القانون العام للأرامل والأيتام باعتباره شخصا متزوجا، وأن عدم تمتعه بنفس الحقوق في الاستحقاقات المكفولة للشخص المتزوج يشكل بالتالي انعداما للمساواة في المعاملة، بما يتعارض مع المادة 26 من العهد الدولي. وقد فندت الدولة الطرف هذه الحجة، وأفادت أن الاشتراكات التي تسدد في إطار القانون العام للأرامل والأيتام واحدة على حد سواء بالنسبة للمتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين. كما أوضحت الدولة الطرف أن القانون هو خطة للتأمينات الوطنية، يشترك فيها كل المقيمين في هولندا من أصحاب الدخول، وتتوافر للمتزوجين الذين يتوفى أزواجهم، وذلك ضمن بعض فئات الأشخاص الأخرى.
11-4 وتذكر اللجنة برأيها القانوني القائل بأنه ليست كل تفرقة ترقى إلى حد التمييز المحظور بموجب العهد الدولي، ما دامت لا تستند إلى معايير معقولة وموضوعية. وقد تذرعت الدولة الطرف بأن المتزوجين وغير المتزوجين المتعاشرين يخضعون لمجموعات مختلفة من القوانين واللوائح، وهو الأمر الذي لم يجادل فيه مقدم البلاغ. وتلاحظ اللجنة أن قرار اكتساب وضع قانوني من خلال الزواج، وهو ما يرتب وفقا للقانون الهولندي استحقاقات معينة وواجبات ومسؤوليات معينة، هو قرار يرجع بالكامل إلى الأشخاص المتعاشرين دون زواج. وباختيار مقدم البلاغ عدم الدخول في علاقة زواج، فإن القانون لا يرتب بالنسبة له كامل الواجبات والمسؤوليات التي يرتبها بالنسبة للأشخاص المتزوجين. ومن ثم، لا يحصل مقدم البلاغ على كامل الاستحقاقات التي يكفلها القانون للأشخاص المتزوجين. وترى اللجنة أن هذه التفرقة لا تشكل تمييزا بالمعنى الوارد في المادة 26 من العهد الدولي3.
12 - واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
]اعتمدت الآراء باللغات الاسبانية والانكليزية والفرنسية على أن يكون النص الانكليزي هو النص الأصلي. وصدرت أيضا فيما بعد باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير[.

تذييل
رأي فردي مقدم من اليزابيث إيفات (مؤيد)
على الرغم من أنني أؤيد القرار الذي اتخذته اللجنة في هذه المسألة، أود أن أشدد على أن الدولة الطرف وافقت، على أن تعامل، بالنسبة لبعض الأغراض، المتعاشرين كوحدة أسرية. وينبغي أن يؤخذ هذا العامل في الاعتبار عند النظر في ما إن كانت الأسباب التي قدمت للإبقاء على التمييز بين المتزوجين وبين المتعاشرين، أسباب منطقية وموضوعية. ولا أرى في هذا الصدد أن دفوع الدولة الطرف القائمة على الآثار القانونية التي تنشأ عن قانون الزواج أو الإرث حجج مقنعة أو ذات أهمية تستحق الذكر عندما يتعلق الأمر بمنح استحقاق يراد به التخفيف مؤقتا من فقدان شريك بسبب الوفاة. ولكي يعتبر التمييز بين مجموعات أسرية وغيرها معقولا وموضوعيا ينبغي أن يكون يكون متساوقا ومراعيا للواقع الاجتماعي.
(توقيع) اليزابيث إيفات
[حرر باللغات الاسبانية والانكليزية والفرنسية، على أن يكون النص الانكليزي هو النص الأصلي، وصدر أيضا فيما بعد باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]
_________________________
- وثيقة الأمم المتحدة A/54/40 المجلد الثاني، القسم هاء.
* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكه أندو، السيد برافوللاتشاندرا ن. باغواتي، السيد توماس بويرغنتال، اللورد كولفيل، السيد عمران الشافعي، السيدة اليزابيث إيفات، السيد إيكارت كلاين، السيد ديفيد كريتزر، السيدة سيسيليا ميدينا كيروغا، السيد مارتين شاينين، السيد رومان ويروسزوسكي، والسيد ماكسويل يالدين والسيد عبد الله زاخيه. يرد رفق هذه الوثيقة نص رأي فردي مقدم من عضوة اللجنة السيدة إليزابيث إيفات.
1- الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987، في الدورة التاسعة والعشرين للجنة.
2- الآراء التي اعتمدت في 31 آذار/مارس 1992.
3- انظر أيضا آراء اللجنة بشأن البلاغ رقم 180/1984، (داننغ ضد هولندا)، التي اعتمدت في 9 نيسان/أبريل 1987.