المحكمة الدستورية
العليا
المصرية قضية رقم 114
لسنة 23 قضائية
المحكمة
الدستورية
العليا
"دستورية" مبادئ
الحكم: تشريع - خبراء
وزارة العدل - دعوى
دستورية - مصلحة مناطها
- عمل قضائي - تميزه
- مبدأ المساواة
- مراكز
متماثلة - مبدا
تكافؤ الفرص -
أعماله - مجلس
الدولة – اختصاصه
- مجلس تأديب
وزارة العدل - خبراء
هيئة ذات اختصاص
قضائي نص الحكم باسم
الشعب المحكمة
الدستورية
العليا بالجلسة
العلنية
المنعقدة يوم
الأحد 7
مايو سنة 2006 م، الموافق
9 ربيع
الآخر سنة 1427 هـ برئاسة
السيد
المستشار/
ممدوح مرعي رئيس
المحكمة والسادة
المستشارين/ حمدي
محمد علي
وإلهام نجيب
نوار وماهر
سامي يوسف
ومحمد خيري طه
وسعيد مرعي
عمرو
والدكتور
عادل عمر شريف أعضاء وحضور
السيد
المستشار/ نجيب
جمال الدين
علما رئيس
هيئة
المفوضين وحضور
السيد/ ناصر
إمام محمد حسن
أمين
السر أصدرت
الحكم الآتي في
القضية
المقيدة
بجدول
المحكمة
الدستورية العليا
برقم 114 لسنة
23
قضائية
"دستورية". المقامة
من السيدة/ ... ضد 1- السيد/
رئيس
الجمهورية 2- السيد/
رئيس مجلس
الوزراء 3- السيد/
رئيس مجلس
الشعب 4- السيد/
وزير العدل الإجراءات بتاريخ
الثامن عشر من
يونيه سنة 2001،
أودعت المدعية
قلم كتاب
المحكمة
صحيفة الدعوى
الماثلة،
بطلب الحكم
بعدم دستورية
نص المادة (26) من
المرسوم
بقانون رقم 96
لسنة 1952 بتنظيم
الخبرة أمام
جهات القضاء،
فيما تضمنه من
تشكيل مجلس تأديب
خبراء وزارة
العدل. وقدمت
هيئة قضايا
الدولة مذكرة طلبت فيها
الحكم برفض
الدعوى. كما
قدمت المدعية
مذكرة أصرت
فيها على
طلباتها
الواردة
بصحيفة
الدعوى. وبعد تحضير
الدعوى،
أودعت هيئة
المفوضين
تقريرا برأيها. ونظرت الدعوى
على الوجه
المبين بمحضر
الجلسة، وقررت
المحكمة
إصدار الحكم
فيها بجلسة
اليوم. المحكمة بعد الاطلاع
على الأوراق،
والمداولة. حيث إن
الوقائع -
حسبما يبين من
صحيفة الدعوى
وسائر
الأوراق -
تتحصل في أن
السيد وزير
العدل أصدر
قرارا بإحالة
المدعية -
وتعمل بوظيفة
خبير هندسي
بمنطقة خبراء
شرق القاهرة -
إلى مجلس
التأديب
المشكل
بوزارة
العدل، طبقا
لنص المادة 26
المشار
إليها، وقيدت
الدعوى التأديبية
برقم 3 لسنة 1998،
لمحاكمتها
عما هو منسوب
إليها من
مخالفات
مبينة في قرار
الإحالة، وقد
أصدر مجلس
التأديب
قرارا بمعاقبة
المدعية
بالعزل من
الوظيفة. وإذ
لم ترتض المدعية
هذا القرار،
فطعنت عليه،
أمام المحكمة
الإدارية
العليا،
بالطعن رقم 5620
لسنة 45 قضائية
عليا، بطلب
الحكم، بصفة
مستعجلة،
بوقف تنفيذ قرار
مجلس التأديب
المشار إليه، وفي
الموضوع
بإلغائه،
والقضاء
مجددا
ببراءتها. وأثناء
نظر الطعن
قدمت المدعية
مذكرة،
ضمنتها دفعا بعدم
دستورية نص
المادة 26 من
المرسوم
بقانون رقم 96
لسنة 1952 بتنظيم
الخبرة أمام
جهات القضاء، فيما
تضمنه من
تشكيل مجلس
تأديب خبراء
وزارة العدل.
وإذ قدرت
محكمة
الموضوع جدية
دفعها، وصرحت
لها برفع
الدعوى أمام
المحكمة
الدستورية
العليا،
فأقامت
الدعوى
الماثلة. وحيث
إن المادة 26 الطعينة
تنص على أنه
"يختص بتأديب
خبراء وزارة
العدل مجلس
تأديب يؤلف
على الوجه الآتي: 1- وكيل
وزارة العدل
الدائم رئيسا. 2-
النائب العام
أو من
ينوب عنه عضو. 3-
مستشار من
محكمة
استئناف
القاهرة تنتخبه
عضو؛ جمعيتها
العمومية
لمدة سنتين. 4- مدير
عام إدارة
الخبراء أو من ينوب
عنه عضو. 5- رئيس
أحد مكاتب
الخبراء
يختاره وزير
العدل عضو.". وحيث
إن المدعية
تنعى على النص
المشار إليه أنه
أخضع خبراء
وزارة العدل
لنظام تأديبي،
أستلبت
بمقتضاه
ولاية قضاء
التأديب من
مجلس الدولة،
بحسبانه
قاضيهم الطبيعي
في أنزعتهم
التأديبية، الذي
اختصه
الدستور بها،
وفقا للمادة
172، واستعاض عنه
بمجلس تأديب،
تنقصه
الضمانات،
المكفولة
لنظرائهم من
العاملين
المدنيين
بالدولة، رغم
اتحاد
مراكزهم
القانونية،
مما يخل بحقهم
في المحاكمة
القانونية
أمام قاضيهم الطبيعي،
وهو ما يهدر مبدأي
تكافؤ الفرص
ومساواة
المواطنين في
الحقوق
والواجبات،
المنصوص
عليهما في
المادتين 8، 40
من الدستور. وحيث
إن المصلحة
الشخصية
المباشرة - وهي
شرط لقبول
الدعوى
الدستورية -
مناطها أن
يكون ثمة
ارتباط بينها
وبين المصلحة
القائمة في
الدعوى
الموضوعية،
وذلك بأن يكون
الحكم في
المسألة
الدستورية
لازما للفصل في
الطلبات
الموضوعية
المرتبطة بها
والمطروحة
على محكمة
الموضوع؛ إذ
كان ذلك،
وكانت المدعية
تعمل بوظيفة
خبير بوزارة
العدل،
وتمثلت المنازعة
الموضوعية - التي
اقيمت الدعوى
الماثلة
بمناسبتها - في
محاكمتها
تأديبيا أمام
مجلس تأديب بها،
لمعاقبتها
عما أسند
إليها من
مخالفات مخلة
بواجبات
وظيفتها، فإن
مصلحتها
الشخصية المباشرة
في هذه الدعوى
تكون قائمة. وحيث
إنه وإن كان
مجلس الدولة
قد غدا وفقا
لنص المادة 172
من الدستور
قاضي القانون
العام في
المنازعات
الإدارية
والدعاوى
التأديبية، وكان
قانون مجلس
الدولة
الصادر
بالقانون رقم
47 لسنة 1972 قد ردد
هذا الأصل بنص
مادته
العاشرة؛ إلا
أن قضاء هذه
المحكمة قد
جرى على أن
عموم هذه
الولاية وانبساطها
على
المنازعات
الإدارية
والدعاوى
التأديبية
بمختلف
أشكالها
وتعدد صورها،
لا يعني غل يد
المشرع عن
إسناد الفصل في
بعضها إلى
جهات قضائية
أخرى، على أن
يكون ذلك
استثناء من
الأصل العام،
وبالقدر وفي الحدود
التي يقتضيها
الصالح
العام، وفي إطار
التفويض
المخول
للمشرع بنص
المادة 167 من الدستور
في شأن تحديد
الهيئات
القضائية
واختصاصاتها
وتنظيم طريقة
تشكيلها. وحيث
إن قضاء هذه
المحكمة قد
جرى على أن
التمييز بين
الأعمال القضائية
وبين غيرها من
الأعمال التي
قد تلتبس بها،
إنما يقوم على
مجموعة من
العناصر، لا
تتحدد بها
ضوابط هذا
التمييز على
وجه قطعي،
ولكنها تعين
على إبراز
الخصائص
الرئيسية للعمل
القضائي. ومن
بينها أن
إسباغ الصفة
القضائية على
أعمال أية جهة
عهد إليها
المشرع
بالفصل في
نزاع معين،
يفترض أن يكون
تشكيلها
واستقلالها
كاشفين عن
حيدتها عند
الفصل في
النزاع،
ومؤديين إلى
غيريتها في
مواجهة
أطرافه، وأنه في
كل حال يتعين
أن يثير
النزاع
المطروح
عليها ادعاء
قانونيا،
يبلور الحق في
الدعوى
كرابطة
قانونية،
تنعقد
الخصومة
القضائية من
خلالها،
وبوصفها
الوسيلة التي
عينها المشرع
لاقتضاء
الحقوق
المدعى بها، وبمراعاة
أن يكون إطار
الفصل فيها
محددا بما لا
يخل
بالضمانات
القضائية
الرئيسية، التي
لا يجوز
النزول عنها،
وعلى ضوء
قاعدة قانونية
نص عليها
المشرع سلفا،
ليكون القرار
الصادر في
النزاع مؤكدا
للحقيقة
القانونية،
مبلورا لمضمونها،
لتفرض نفسها
على كل من
ألزمه المشرع
بها، بافتراض
تطابقها مع
الحقيقة
الواقعة. وحيث
إن البين من
أحكام قانون
السلطة
القضائية
الصادر
بالقرار
بقانون رقم 46
لسنة 1972 أنه اعتبر
الخبراء - بنص
المادة 131 - من
أعوان
القضاء، وكان
المرسوم
بقانون رقم 96 لسنة
1952 بتنظيم
الخبرة أمام
القضاء قد نظم
تأديب خبراء
وزارة العدل،
إذ نص في
المادة 27 على
أن "تكون
إحالة
الخبراء إلى
المحاكمة
التأديبية
بقرار من وزير
العدل، وله إذا
اقتضى الحال أن
يصدر أمرا بوقف
الخبير عن
مباشرة أعمال
وظيفته، وقضت
المادة 29
بسريان أحكام
المواد 10، 11، 12، 13
الخاصة بتأديب
خبراء الجدول
على خبراء
وزارة العدل
فيما يتعلق
بتأديبهم.
فنصت المادة 10 على "يشتمل
قرار الاتهام
على التهمة
الموجهة إلى
الخبير
والأدلة
المؤيدة لها. ويعلن هذا
القرار إلى
الخبير بكتاب
موصى عليه،
مصحوب بعلم وصول
قبل الجلسة
المعينة
للمحاكمة
بعشرة أيام
على الأقل". ونصت
المادة 11 على
أنه "للجنة
التأديب أن
تجرى بنفسها
ما تراه لازما
من التحقيق،
ولها أن تندب
لذلك أحد
أعضائها. ولها
أن توقف
الخبير عن
مباشرة
أعماله حتى
تنتهى المحاكمة".
ونصت المادة 12
على أن "تكون
جلسات المحاكمة
التأديبية
سرية. وللخبير
أن يحضر
الجلسة
بشخصه، وله أن
يقدم دفاعه
كتابة،
وللجنة
التأديب أن
تطلب حضور
الخبير بشخصه.
فإذا لم
يحضر جاز
الحكم في
غيبته بعد
التحقق من صحة
إعلانه،
ويكون الحكم في
هذه الحالة
نهائيا". ونصت
المادة 13 على
أنه "يجب أن
يشتمل الحكم الصادر
في الدعوى
التأديبية
الأسباب التي
بنى عليها". وحيث
إن مؤدى
النصوص
المشار إليها
أن تشكيل مجلس
تأديب خبراء
وزارة العدل
لم يخل من
العنصر القضائي،
إذ تضمن عضوين
قضائيين،
وأنه يفصل -
باعتباره
سلطة تأديبية -
فيما يدخل في
اختصاصه بعد
إعلان المتهم
بما هو منسوب
إليه،
وباليوم
المحدد
للمحاكمة،
وله أن يمثل
بشخصه أمامه،
وأن المشرع
كفل له كذلك
حق الدفاع، إذ
أتاح له
الفرصة
الكاملة
لإبداء
أقواله وتقديم
دفاعه كتابة،
بما يمكنه من
مجابهة التهم
المسندة
إليه، ودحض ما
قدم ضده من
أدلة عليها،
كما أن مجلس
التأديب إذ
يستنفد
ولايته
بإصدار حكمه،
فإن الجهة
الإدارية ينغلق
عليها المساس
بذلك الحكم.
وكان ما أوجبه
المشرع من
سرية
المحاكمة لا
مأخذ عليه،
لما هو مقرر -
وعلى ما جرى
به قضاء هذه
المحكمة - من
أن المادة 169 من
الدستور -
فيما قررته من
علنية جلسات
المحاكم، إلا
إذا قررت
جعلها سرية،
مراعاة
للنظام العام
أو الآداب،
وأوجبته من
النطق بالحكم في
جلسة علنية -
إنما يقتصر
حكمها على
الأحكام التي
تصدر من
المحاكم
بالمعنى
الضيق دون
سواها من الهيئات
القضائية،
وكانت تلك
النصوص قد انطوت
- بذلك - على
ضمانات
قضائية،
تحقيقا
لمحاكمة
منصفة، وانتهاجا
لضوابطها. إذ
كان ذلك، وكان
مجلس التأديب
يفصل في
الخصومة
التأديبية في
قواعد
إجرائية
وموضوعية
محددة على النحو
السالف
الإشارة
إليه، ليقضي
على دابرها
بحكم مسبب،
فإن المشرع
يكون قد أقام
من هذا المجلس
هيئة ذات اختصاص
قضائي، تختص
بالنظر فيما
أوكل إليها من
دعاوى تأديبية
والفصل فيها. وحيث
إنه متى كان
ما تقدم، وكان
الخبراء إنما يعاونون
- بعملهم - في
قيام السلطة
القضائية
بمهامها،
وتبدو خطورة
العمل المنوط
بهم من أن الرأي
الفني - الذي يعدونه
في القضايا التي
تحال إليهم -
إنما يتضح به
الجوانب
الفنية
للخصومة القضائية،
بل إن هذه
الخصومة لن
تؤتي ثمرتها،
إلا باكتمال
تلك الجوانب،
تمهيدا لتحقيق
الترضية
القضائية على
الوجه
الصحيح، ومن
ثم فإن
إخلالهم
بواجبات
وظائفهم،
إنما ينعكس
على أداء
الوظيفة
القضائية،
وبهذه المثابة
يكون مجلس تأديب
الخبراء
المشكل بالنص
الطعين، أكثر
إدراكا من
غيره بأوجه
القصور التي
قد تعتري عمل
الخبراء،
وأقدر بالتالي
على مؤاخذتهم
تأديبيا
عنها؛ إذ كان
ذلك، فإن المشرع
- وفي حدود ما
يملكه من
إسناد الفصل في
بعض
المنازعات
الإدارية
والتأديبية
إلى جهة
قضائية أخرى
غير مجلس
الدولة،
تحقيقا
للصالح العام -
لا يكون بالنص
المطعون فيه
قد خالف
المادة 172 من
الدستور. وإذ
اختص المشرع
مجلس التأديب
هذا بولاية
الفصل في
الدعاوى
التأديبية
المقامة ضد
الخبراء فصلا
قضائيا، فقد
أضحى هو
قاضيهم الطبيعي
في شأنهم،
الأمر الذي لا
ينطوي على أية
مخالفة - من
هذه الناحية -
لحكم المادة 68
من الدستور. وحيث
إن ما تنعاه
المدعية من
إخلال النص
المطعون فيه
بمبدأ تكافؤ
الفرص الذي تكفله
الدولة
للمواطنين،
وفقا لنص
المادة 8 من
الدستور،
مردود بأن
مضمون هذا
المبدأ، إنما
يتصل بالفرص التي
تتعهد الدولة
بتقديمها،
وأن إعماله
يقع عند التزاحم
عليها، وأن
الحماية
الدستورية
لتلك الفرص
غايتها تقرير
أولوية - في
مجال
الانتفاع بها -
لبعض
المتزاحمين
على بعض، وهي أولوية
تتحدد وفق أسس
موضوعية يقتضيها
الصالح
العام، إذ كان
ذلك، فإن النعي
بمخالفة
النصوص الطعينة
لمبدأ تكافؤ
الفرص لا يكون
له محل، إذ لا
صلة له بفرص
قائمة يجري
التزاحم
عليها. وحيث
إن المدعية
تنعى على النص
الطعين إخلاله
بمبدأ المساواة
أمام
القانون، وإذ
كان إعمال هذا
المبدأ - وما يقتضيه من
الحماية
القانونية
المتكافئة -
يفترض تماثل
المراكز
القانونية في
نطاق الموضوع
محل التنظيم التشريعي،
ومعاملتها بالتالي
على ضوء قاعدة
موحدة لا تفرق
بين أصحابها
بما ينال من
مضمون الحقوق التي
يتمتعون بها،
وكانت النصوص
التشريعية
سالفة الذكر -
بما فيها النص
المطعون عليه -
قد نظمت تأديب
خبراء وزارة
العدل، وقد
تقرر هذا
التنظيم
لأغراض
مشروعة ووفق
أسس موضوعية لا
تقيم في مجال
تطبيقها
تمييزا منهيا
عنه بين
المخاطبين
به، فإن قالة
إخلال النص
الطعين بمبدأ
المساواة
أمام القانون
المنصوص عليه في
المادة 40 من
الدستور،
تكون لغوا. وحيث
إن النص
الطعين لا
يخالف أي حكم
آخر من أحكام
الدستور،
فإنه يتعين
القضاء برفض
الدعوى
الراهنة. فلهذه الأسباب حكمت
المحكمة برفض
الدعوى،
وبمصادرة
الكفالة،
وألزمت المدعية
المصروفات
ومبلغ مائتي
جنيه مقابل
أتعاب
المحاماة. العودة للصفحة الرئيسية |