المحكمة
الدستورية
العليا
المصرية قضية
رقم 13 لسنة 12
قضائية المحكمة
الدستورية
العليا
"دستورية" مبادئ الحكم: أصل
البراءة - اتفاقيات
دولية - افتراض
البراءة - الحق
في محاكمة
منصفة - جمارك حق الدفاع - دستور
- مبدأ الفصل بين
السلطات نص الحكم المحكمة
الدستورية
العليا بالجلسة
العلنية
المنعقدة 2 فبراير
سنة 1992 م برئاسة
السيد
المستشار
الدكتور/ عوض
محمد عوض
المر رئيس
المحكمة والسادة
المستشارين/
الدكتور محمد إبراهيم
أبو العينين
وفاروق عبد
الرحيم غنيم وعبد
الرحمن نصير وسامي
فرج يوسف
ومحمد علي عبد
الواحد وماهر البحيري أعضاء وحضور
السيد
المستشار/
السيد عبد
الحميد عمارة المفوض وحضور
السيد/ رأفت
محمد عبد
الواحد أمين السر أصدرت
الحكم الآتي في القضية
المقيدة
بجدول
المحكمة
الدستورية العليا
برقم 13 لسنة 12
قضائية
"دستورية". الإجراءات بتاريخ 19
مارس سنة 1990
أودع المدعي
صحيفة هذه
الدعوى قلم
كتاب المحكمة
طالبا الحكم
بعدم دستورية
الفقرة
الثانية من
المادة 121 من
قانون
الجمارك
الصادر
بالقانون رقم
66 لسنة 1963
المضافة
بالقانون رقم
75 لسنة 1980 فيما
تضمنته من
إقامة قرينة
قانونية
افترضت بها
العلم بالتهريب
في حق الحائز
للبضائع والسلع
الأجنبية
بقصد الاتجار
إذ لم يقدم
المستندات
الدالة على
سداد الضرائب
الجمركية المقررة
عليها. وقدمت هيئة
قضايا الدولة
مذكرة، طلبت
فيها الحكم
برفض الدعوى. وبعد تحضير
الدعوى،
أودعت هيئة
المفوضين
تقريرا
برأيها. ونظرت الدعوى
على الوجه
المبين بمحضر
الجلسة،
وقررت
المحكمة
إصدار الحكم
فيها بجلسة
اليوم. المحكمة بعد
الاطلاع على
الأوراق،
والمداولة. حيث إن
الوقائع - على
ما يبين من
صحيفة الدعوى
وسائر
الأوراق -
تتحصل في أن
النيابة
العامة كانت
قد اتهمت
المدعي في
القضية رقم 142
لسنة 1986 جنح قسم
قنا بأنه في
يوم 3 يناير
سنة 1983 بدائرة
قسم قنا "حاز
بقصد الاتجار
بضائع أجنبية
مهربة من
الرسوم
الجمركية مع
العلم بذلك".
وطلبت عقابه
بالمواد 121 و122 و124 و124 مكررا
من قانون
الجمارك
الصادر
بالقانون رقم
66 لسنة 1963 المعدل
بالقانون رقم
75 لسنة 1980،
وبتاريخ 8
فبراير سنة 1988
قضت محكمة جنح
قسم قنا
حضوريا بحبس
المدعي سنتين
مع الشغل
وكفالة عشرين
جنيها لإيقاف
التنفيذ،
وغرامة ألف
جنيه
والمصادرة
والمصاريف
الجنائية،
وإلزامه بأن
يؤدي للمدعية
بالحق المدني
بصفتها (وزارة
المالية)
تعويضا قدره 390
مليما و222 جنيه،
فطعن المدعى في
هذا الحكم
بطريق
الاستئناف،
وقيد
استئنافه
برقم 1188 لسنة 1988
جنح مستأنفة
قنا، وبجلسة 21
ديسمبر سنة 1989
دفع الحاضر عن
المدعي بعدم
دستورية
الفقرة
الثانية من
المادة 121 من قانون
الجمارك
الصادر
بالقانون رقم
66 لسنة 1963 المضافة
بالقانون رقم
75 لسنة 1980، فقررت
المحكمة
التأجيل
لجلسة 19 أبريل
سنة 1990 كطلب
الحاضر مع
المتهم
لإقامة
الدعوى
الدستورية،
فأقام الدعوى
الماثلة. وحيث إن
الفقرة
الثانية من
المادة 121 من
قانون الجمارك
رقم 66 لسنة 1963
المضافة
بالقانون رقم
75 لسنة 1980
والمعدل
بالقرار
بقانون رقم 187
لسنة 1986 تنص على
أن "يعتبر في
حكم التهريب
حيازة
البضائع
الأجنبية
بقصد الاتجار
مع العلم
بأنها مهربة،
ويفترض العلم
إذا لم يقدم
من وجدت في
حيازته هذه
البضائع بقصد
الاتجار
المستندات
الدالة على
أنها قد سددت
عنها الضرائب
الجمركية...". وحيث إن
المدعي ينعى
على النص
المطعون عليه
أنه إذ أقام
قرينة
قانونية
افترض
بمقتضاها علم
الحائز للبضائع
الأجنبية
بقصد الاتجار
فيها
بتهريبها، إذ
لم يقدم
المستندات
الدالة على
سداد الضرائب
الجمركية
عليها فإنه
يكون قد خالف
قرينة البراءة
التي تضمنتها
المادة 67 من
الدستور التي تنص
على أن "المتهم
برئ حتى تثبت
إدانته في
محاكمة
قانونية تكفل
له فيها
ضمانات
الدفاع عن
نفسه". وحيث إن
الدستور هو
القانون الأساسي
الأعلى الذي يرسي
القواعد
والأصول التي
يقوم عليها
نظام الحكم
ويقرر
الحريات
والحقوق
العامة،
ويرتب
الضمانات
الأساسية
لحمايتها،
ويحدد لكل من
السلطة
التشريعية
والتنفيذية
والقضائية
وظائفها
وصلاحياتها،
ويضع الحدود
والقيود
الضابطة
لنشاطها بما يحول
دون تدخل أي
منها في أعمال
السلطة
الأخرى أو
مزاحمتها في
ممارسة
اختصاصاتها التي
ناطها
الدستور بها. وحيث إن
الدستور اختص
السلطة
التشريعية
بسن القوانين
وفقا لأحكامه
فنص في المادة
86 منه على أن
"يتولى مجلس
الشعب سلطة
التشريع،
ويقر السياسة
العامة
للدولة،
والخطة
العامة
للتنمية
الاقتصادية
والاجتماعية،
والموازنة
العامة
للدولة، كما
يمارس
الرقابة على
أعمال السلطة
التنفيذية،
وذلك كله على
الوجه المبين في
الدستور". كما
اختص السلطة
القضائية
بالفصل في
المنازعات
والخصومات
على النحو
المبين في
الدستور فنص في
المادة 165 منه
على أن "السلطة
القضائية
مستقلة
وتتولاها
المحاكم على
اختلاف
أنواعها
ودرجاتها
وتصدر
أحكامها وفق
القانون". وحيث إن اختصاص
السلطة
التشريعية
بسن القوانين
لا يخولها
التدخل في
أعمال أسندها
الدستور إلى
السلطة
القضائية وقصرها
عليها، وإلا
كان هذا افتئاتا
على عملها
وإخلالها
بمبدأ الفصل
بين السلطتين
التشريعية
والقضائية. وحيث إن
الدستور كفل في
مادته
السابعة
والستين الحق في
المحاكمة
المنصفة بما
تنص عليه من أن
المتهم برئ
حتى تثبت
إدانته في
محاكمة
قانونية تكفل
له فيها
ضمانات
الدفاع عن
نفسه، وهو حق
نص عليه
الإعلان العالمي
لحقوق
الإنسان في
مادتيه
العاشرة
والحادية
عشرة التي
تقرر أولاهما
أن لكل شخص
حقا مكتملا
ومتكافئا مع
غيره في
محاكمة علنية
ومنصفة تقوم
عليها محكمة
مستقلة
محايدة،
تتولى الفصل في
حقوقه
والتزاماته
المدنية، أو في
التهمة
الجنائية
الموجهة إليه،
وتردد
ثانيتهما في
فقرتها
الأولى حق كل
شخص وجهت إليه
تهمة جنائية في
أن تفترض
براءته إلى أن
تثبت إدانته في
محاكمة علنية
توفر له فيها
الضمانات
الضرورية
لدفاعه. وهذه
الفقرة
السابقة هي التي
تستمد منها
المادة 67 من
الدستور
أصلها، وهي
تردد قاعدة
استقر العمل
على تطبيقها في
الدول
الديمقراطية،
وتقع في
إطارها
مجموعة من
الضمانات
الأساسية
تكفل بتكاملها
مفهوما
للعدالة يتفق
بوجه عام مع
المقاييس
المعاصرة
المعمول بها في
الدول المتحضرة،
وهي بذلك تتصل
بتشكيل
المحكمة
وقواعد
تنظيمها وطبيعة
القواعد
الإجرائية
المعمول بها
أمامها
وكيفية
تطبيقها من
الناحية
العملية، كما
أنها تعتبر في
نطاق الاتهام الجنائي
وثيقة الصلة
بالحرية
الشخصية التي
قضى الدستور في
المادة 41 منه
بأنها من
الحقوق
الطبيعية التي
لا يجوز
الإخلال بها
أو تقييدها
بالمخالفة لأحكامه،
ولا يجوز بالتالي
تفسير هذه
القاعدة
تفسيرا ضيقا،
إذ هي ضمان مبدئي
لرد العدوان
عن حقوق
المواطن
وحرياته
الأساسية، وهي
التي تكفل
تمتعه بها في
إطار من الفرص
المتكافئة،
ولأن نطاقها
وإن كان لا
يقتصر على
الاتهام الجنائي
وإنما يمتد
إلى كل دعوى
ولو كانت
الحقوق المثارة
فيها من طبيعة
مدنية، إلا أن
المحاكمة
المنصفة
تعتبر أكثر
لزوما في
الدعوى
الجنائية
وذلك أيا كانت
طبيعة الجريمة
وبغض النظر عن
درجة خطورتها،
وعلة ذلك أن
إدانة المتهم
بالجريمة
إنما تعرضه
لأخطر القيود
على حريته
الشخصية
وأكثرها
تهديدا لحقه في
الحياة، وهي
مخاطر لا سبيل
إلى توقيها
إلا على ضوء
ضمانات فعلية
توازن بين حق
الفرد في
الحرية من
ناحية، وحق
الجماعة في
الدفاع عن
مصالحها
الأساسية من
ناحية أخرى،
ويتحقق ذلك
كلما كان الاتهام
الجنائي
معرفا
بالتهمة
مبينا
طبيعتها
مفصلا أدلتها وكافة
العناصر
المرتبطة بها،
وبمراعاة أن
يكون الفصل في
هذا الاتهام
عن طريق محكمة
مستقلة
ومحايدة ينشئها
القانون، وأن
تجرى
المحاكمة في
علانية وخلال
مدة معقولة،
وان تستند
المحكمة في
قرارها
بالإدانة -
إذا خلصت
إليها - إلى
موضوعية
التحقيق الذي
تجريه، وإلى
عرض متجرد
للحقائق،
وإلى تقدير
سائغ للمصالح
المتنازعة،
وتلك جميعها
من الضمانات
الجوهرية التي
لا تقوم
المحاكمة
المنصفة
بدونها، ومن
ثم كفلها
الدستور في
المادة 67 منه
وقرنها
بضمانتين
تعتبران من مقوماتها
وتندرجان تحت
مفهومها،
وهما افتراض
البراءة من
ناحية، وحق
الدفاع لدحض
الاتهام الجنائي
من ناحية أخرى،
وهو حق عززته
المادة 69 من
الدستور
بنصها على أن
حق الدفاع
بالأصالة أو
بالوكالة
مكفول. وحيث إن
الدستور يكفل
للحقوق التي
نص عليها في
صلبه الحماية
من جوانبها
العملية وليس
من معطياتها
النظرية،
وكان استيثاق
المحكمة من
مراعاة
القواعد المنصفة
سالفة الذكر
عند فصلها في
الاتهام الجنائي
وهيمنتها على
إجراءاتها
تحقيقا
لمفاهيم العدالة
حتى في أكثر
الجرائم
خطورة لا يعدو
أن يكون ضمانة
أولية لعدم
المساس
بالحرية
الشخصية - التي
كفلها
الدستور لكل
مواطن - بغير
الوسائل
القانونية
المتوافقة مع
أحكامه، وكان
افتراض براءة
المتهم يمثل
أصلا ثابتا يتعلق
بالتهمة
الجنائية من
ناحية
إثباتها وليس
بنوع العقوبة
المقررة لها،
وينسحب إلى
الدعوى
الجنائية في
جميع مراحلها
وعلى امتداد
إجراءاتها،
فقد كان من
المحتم أن
يرتب الدستور
على افتراض
البراءة عدم
جواز نقضها
بغير الأدلة
الجازمة التي
تخلص إليها
المحكمة
وتتكون من
جماعها عقيدتها،
ولازم ذلك أن
تطرح هذه
الأدلة عليها،
وأن تقول هي
وحدها كلمتها
فيها، وألا
تفرض عليها أي
جهة أخرى
مفهوما محددا
لدليل بعينه،
وان يكون مرد
الأمر دائما
إلى ما
استخلصته هي
من وقائع
الدعوى
وحصلته من
أوراقها غير
مقيدة بوجهة
نظر النيابة
العامة أو
الدفاع بشأنها. وحيث إنه
على ضوء ما
تقدم، تتمثل
ضوابط
المحاكمة
المنصفة في
مجموعة من
القواعد
المبدئية التي
تعكس
مضامينها نظاما
متكامل
الملامح
يتوخى بالأسس التي
يقوم عليها
صون كرامة
الإنسان
وحماية حقوقه الأساسية
ويحول
بضماناته دون
إساءة استخدام
العقوبة بما
يخرجها عن
أهدافه، وذلك
انطلاقا من
إيمان الأمم
المتحضرة
بحرمة الحياة
الخاصة
وبوطأة
القيود التي
تنال من
الحرية
الشخصية، ولضمان
أن تتقيد
الدولة عند
مباشرتها
لسلطاتها في
مجال فرض
العقوبة صونا
للنظام الاجتماعي
بالأغراض
النهائية
للقوانين
العقابية التي
ينافيها أن
تكون إدانة
المتهم هدفا
مقصودا لذاته،
أو أن تكون
القواعد التي
تتم محاكمته
على ضوئها
مصادمة
للمفهوم الصحيح
لإدارة
العدالة
الجنائية
إدارة فعالة،
بل يتعين أن
تلتزم هذه
القواعد
مجموعة من القيم
التي تكفل
لحقوق المتهم
الحد الأدنى
من الحماية التي
لا يجوز
النزول عنها
أو الانتقاص
منها. وهذه
القواعد - وإن
كانت إجرائية في
الأصل - إلا أن
تطبيقها في
مجال الدعوى
الجنائية -
وعلى امتداد
مراحلها -
يؤثر
بالضرورة على
محصلتها
النهائية،
ويندرج تحتها
أصل البراءة
كقاعدة أولية
تفرضها
الفطرة،
وتوجبها
حقائق
الأشياء، وهي
بعد قاعدة حرص
الدستور على
إبرازها في
المادة 67 منه
مؤكدا
بمضمونها ما
قررته المادة
11 من الإعلان العالمي
لحقوق
الإنسان على
ما سلف بيانه،
والمادة
السادسة من
الاتفاقية
الأوربية لحقوق
الإنسان. وحيث إن
أصل البراءة
يمتد إلى كل
فرد سواء أكان
مشتبها فيه أو
متهما
باعتباره
قاعدة أساسية في
النظام الإتهامي
أقرتها
الشرائع
جميعها لا
لتكفل
بموجبها حماية
المذنبين،
وإنما لتدرأ
بمقتضاها
العقوبة عن
الفرد إذا كانت
التهمة
الموجهة إليه
قد أحاطتها
الشبهات بما
يحول دون
التيقن من
مقارفة
المتهم للواقعة
الإجرامية،
ذلك أن
الاتهام الجنائي
في ذاته لا
يزحزح أصل
البراءة الذي
يلازم الفرد
دوما ولا
يزايله سواء في
مرحلة ما قبل
المحاكمة أو أثنائها
وعلى امتداد
حلقاتها وأيا
كان الزمن الذي
تستغرقه
إجراءاتها،
ولا سبيل بالتالي
لدحض أصل
البراءة بغير
الأدلة التي
تبلغ قوتها
الإقناعية
مبلغ الجزم
واليقين بما
لا يدع مجالا
معقولا لشبهة
انتفاء التهمة،
وبشرط أن تكون
دلالتها قد
استقرت
حقيقتها بحكم قضائي
استنفد طرق
الطعن فيه. وحيث إن
افتراض
البراءة لا
يتمحض عن
قرينة قانونية،
ولا هو من
صورها، ذلك أن
القرينة
القانونية
تقوم على
تحويل للإثبات
من محله الأصلي
ممثلا في
الواقعة مصدر
الحق المدعى
به، إلى واقعة
أخرى قريبة
منها متصلة
بها. وهذه
الواقعة
البديلة هي التي
يعتبر
إثباتها
إثباتا
للواقعة
الأولى بحكم القانون،
وليس الأمر
كذلك بالنسبة
إلى البراءة التي
افترضها
الدستور،
فليس ثمة
واقعة أحلها
الدستور محل
واقعة أخرى
وأقامها
بديلا عنها،
وإنما يؤسس
افتراض
البراءة على
الفطرة التي
جبل الإنسان
عليها، فقد
ولد حرا مبرءا
من الخطيئة أو
المعصية،
ويفترض على
امتداد مراحل
حياته أن أصل
البراءة
لازال كامنا
فيه، مصاحبا
له فيما يأتيه
من أفعال، إلى
أن تنقض
المحكمة
بقضاء حازم لا
رجعة فيه هذا
الافتراض على ضوء
الأدلة التي
تقدمها
النيابة
العامة مثبتة
بها الجريمة التي
نسبتها إليه في
كل ركن من
أركانها،
وبالنسبة إلى
كل واقعة
ضرورية
لقيامها بما في
ذلك القصد الجنائي
بنوعيه إذا
كان متطلبا
فيها. وبغير
ذلك لا ينهدم
أصل البراءة
إذ هو من الركائز
التي يستند
إليها مفهوم المحاكمة
المنصفة التي
كفلها
الدستور،
ويعكس قاعدة
مبدئية تعتبر في
ذاتها
مستعصية على
الجدل، واضحة
وضوح الحقيقة
ذاتها،
تقتضيها
الشرعية
الإجرائية،
ويعتبر
إنفاذها
مفترضا أوليا
لإدارة العدالة
الجنائية،
ويتطلبها
الدستور لصون
الحرية
الشخصية في
مجالاتها
الحيوية وليوفر
من خلالها لكل
فرد الأمن في
مواجهة
التحكم
والتسلط
والتحامل،
بما يحول دون
اعتبار واقعة
تقوم بها
الجريمة ثابتة
بغير دليل،
وبما يرد
المشرع عن
افتراض ثبوتها
بقرينة
قانونية
تحكمية
ينشؤها. وحيث إن
النص التشريعي
المطعون فيه
بعد أن قرر أن
حيازة
البضائع الأجنبية
بقصد الاتجار
فيها مع العلم
بأنها مهربة
يعتبر في حكم
التهريب الجمركي،
نص على أن هذا
العلم يفترض
إذا لم يقدم
حائز البضائع
الأجنبية
بقصد الاتجار
المستندات الدالة
على سبق
الوفاء
بالضريبة
المستحقة عنها،
وبذلك أحل
المشرع واقعة
عدم تقديم
الحائز المذكور
لتلك
المستندات
محل واقعة
علمه بتهريب
البضائع التي
يحوزها بقصد
الاتجار فيها
منشئا بذلك
قرينة قانونية
يكون ثبوت
الواقعة
البديلة
بموجبها
دليلا على
ثبوت واقعة
العلم
بالتهريب التي
كان ينبغي أن
تتولى
النيابة
العامة
بنفسها
مسئولية
إثباتها في
إطار
التزامها
الأصيل
بإقامة
الأدلة المؤيدة
لقيام كل ركن
يتصل ببنيان
الجريمة،
ويعتبر من
عناصرها، بما في
ذلك القصد الجنائي
العام ممثلا في
إرادة الفعل
مع العلم
بالوقائع التي
تعطيه دلالته
الإجرامية. وحيث إن
القرينة
القانونية التي
تضمنها النص التشريعي
المطعون فيه
والسالف
بيانها، لا
تعتبر من
القرائن
القاطعة، إذ
الأصل في
القرائن
القانونية
بوجه عام هو
جواز إثبات عكسها،
ولا تكون
القرينة
قاطعة إلا بنص
خاص يقرر عدم
هدمها وقد
التزم
القانون الجمركي
الأصل العام في
القرائن
القانونية
بما تضمنته مذكرته
الإيضاحية من أن
الأثر الذي
رتبه هذا
القانون على
افتراض علم
الحائز بحقيقة
أن البضائع
الأجنبية التي
يحوزها
للاتجار فيها
مهربة، هو أن
النيابة
العامة أضحت
غير مكلفة
بإقامة الدليل
على هذا العلم،
وأن نفيه غدا
التزاما
قانونيا
ألقاه المشرع على
عاتق الحائز، مثلما
هو الشأن في
القرائن
القانونية،
ذلك أن المشرع
هو الذي تكفل
باعتبار
الواقعة
المراد
إثباتها بقيام
القرينة
القانونية
وأعفى
النيابة
العامة بالتالي
من تقديم
الدليل عليها.
إذ كان ذلك،
وكان الأصل في
القرائن
القانونية
قاطعة كانت أو
غير قاطعة - هي
أنها من عمل
المشرع وهو لا
يقيمها تحكما
أو إملاء،
وإنما يجب أن
تصاغ القرينة
وأن يتحدد
مضمونها على
ضوء ما يقع
غالبا في
الحياة
العملية،
وكانت
القرينة
القانونية التي
تضمنها النص التشريعي
المطعون عليه
لا تعتبر كذلك،
ذلك أنها
تتعلق ببضائع
أجنبية يجري
التعامل فيها
بعد خروجها من
الدائرة
الجمركية،
وهو تعامل لا
ينحصر فيمن
قام
باستيرادها
ابتداء،
وإنما
تتداولها أيد
عديدة شراء
وبيعا إلى أن تصل
إلى حائزها
الأخير، وفي
كل ذلك يتم
التعامل فيها
بافتراض سبق
الوفاء بالضريبة
الجمركية
المستحقة
عنها ترتيبا على
تجاوزها
الدائرة الجمركية
التي ترصد في
محيطها
البضائع
الواردة
وتقدر
ضرائبها وتتم
إجراءاتها
باعتبار أن
ذلك هو الأصل
فيها وأن
تهريبها لا
يكون إلا
بدليل تقدمه
الإدارة الجمركية
ذاتها وهو ما
أكدته الفقرة
الثالثة من
المادة 5 من
القانون الجمركي
بما نصت عليه
من أن الضريبة
الجمركية إنما
تستحق
بمناسبة ورود
البضاعة أو
تصديرها وفقا
للقوانين
والقرارات
المنظمة لها،
وأنه لا يجوز
الإفراج عن
أية بضاعة قبل
إتمام
الإجراءات
الجمركية،
وأداء
الضرائب
والرسوم
المستحقة
عنها ما لم ينص
القانون على
خلاف ذلك.
ولازم ما تقدم،
أن عدم تقديم
حائز البضائع
الأجنبية
بقصد الاتجار
فيها
المستندات
الدالة على
الوفاء
بالضرائب
الجمركية
المستحقة عليها،
لا يفيد
بالضرورة
علمه
بتهريبها، إذ
كان ذلك، فإن
الواقعة
البديلة التي
اختارها النص
المطعون فيه
لا ترشح في
الأعم الأغلب
من الأحوال
لاعتبار
واقعة العلم
بالتهريب
ثابتة بحكم القانون
ولا تربطها بالتالي
علاقة منطقية
بها. وتغدو
القرينة بالتالي
غير مرتكزة
على أسس
موضوعية
ومقحمة
لإهدار
افتراض البراءة،
ومجاوزة من ثم
لضوابط
المحاكمة
المنصفة التي
كفلها
الدستور في
صلبه. وحيث إن
جريمة
التهريب الجمركي
من الجرائم
العمدية التي
يعتبر القصد الجنائي
ركنا فيها،
وكان الأصل هو
أن تتحقق
المحكمة
بنفسها وعلى ضوء
تقديرها
للأدلة التي
تطرح عليها من
علم المتهم
بحقيقة الأمر في
شأن كل واقعة
تقوم عليها
الجريمة وأن
يكون هذا
العلم يقينا
لا ظنيا أو
افتراضيا،
وكان
الاختصاص
المقرر
دستوريا
للسلطة التشريعية
في مجال إنشاء
الجرائم
وتقرير
عقوباتها لا
يخولها
التدخل
بالقرائن التي
تنشئها لغل يد
المحكمة عن
القيام
بمهمتها الأصلية
في مجال
التحقق من
قيام أركان
الجريمة التي
عينها المشرع
إعمالا لمبدأ
الفصل بين
السلطتين
التشريعية
والقضائية،
وكان النص التشريعي
المطعون فيه
قد حدد واقعة
بذاتها جعل
ثبوتها
بالطريق
المباشر،
دالا بطريق
غير مباشر على
العلم
بالواقعة الإجرامية
مقحما بذلك
وجهة النظر التي
ارتآها في
مسألة يعود
الأمر فيها
بصفة نهائية
إلى محكمة
الموضوع
لاتصالها
بالتحقيق الذي
تجريه بنفسها
تقصيا
للحقيقة
الموضوعية
عند الفصل في
الاتهام الجنائي،
وهو تحقيق لا
سلطان لسواها
عليه، ومآل ما
يسفر عنه إلى
العقيدة التي
تتكون لديها
من جماع
الأدلة
المطروحة
عليها، إذ كان
ذلك، فإن
المشرع إذ
أعفى النيابة
العامة -
بالنص التشريعي
المطعون عليه -
من
التزاماتها
بالنسبة إلى
واقعة بذاتها
تتصل بالقصد الجنائي
وتعتبر من
عناصره، هي
واقعة علم
المتهم
بتهريب
البضائع
الأجنبية التي
يحوزها بقصد
الاتجار فيها،
حاجبا بذلك
محكمة
الموضوع عن
تحقيقها، وأن
تقول كلمتها
بشأنها، بعد أن
افترض النص
المطعون عليه
هذا العلم
بقرينة تحكمية،
ونقل عبء نفيه
إلى المتهم،
فإن عمله يعد
انتحالا
لاختصاص كفله
الدستور
للسلطة القضائية،
وإخلالا
بموجبات
الفصل بينها
وبين السلطة التشريعية،
ومناقضا كذلك
لافتراض
براءة المتهم
من التهمة
الموجهة إليه في
كل وقائعها
وعناصرها،
ومخالفا بالتالي
لنص المادة 67
من الدستور. وحيث إن
افتراض براءة
المتهم من
التهمة
الموجهة إليه
يقترن دائما
من الناحية
الدستورية -
ولضمان
فعاليته -
بوسائل
إجرائية
إلزامية
تعتبر كذلك -
ومن ناحية
أخرى - وثيقة
الصلة بالحق في
الدفاع
وتتمثل في حق
المتهم في
مواجهة
الأدلة التي
قدمتها
النيابة
العامة
إثباتا
للجريمة،
والحق في
دحضها بأدلة النفي
التي يقدمها،
وكان النص التشريعي
المطعون عليه -
وعن طريق
القرينة
القانونية التي
افترض بها
ثبوت القصد الجنائي
- قد اخل بهذه
الوسائل
الإجرائية
بأن جعل المتهم
مواجها
بواقعة
أثبتتها
القرينة في
حقه بغير دليل،
ومكلفا
بنفيها خلافا
لأصل البراءة،
ومسقطا عملا
كل قيمة
أسبغها
الدستور على
هذا الأصل،
وكان هذا النص
- وعلى ضوء ما
تقدم جميعه -
ينال من مبدأ
الفصل بين
السلطتين
التشريعية والقضائية،
ومن الحرية
الشخصية
ويناقض
افتراض
البراءة،
ويخل بضوابط
المحاكمة
المنصفة وما
تشتمل عليه من
ضمان الحق في
الدفاع، فإنه
بذلك يكون
مخالفا
لأحكام
المواد 41 و67 و69 و86
و165 من الدستور. فلهذه الأسباب حكمت
المحكمة بعدم
دستورية نص
المادة 121 من قانون
الجمارك
الصادر بقرار
رئيس
الجمهورية بالقانون
رقم 66 لسنة 1963
وذلك فيما
تضمنته
فقرتها الثانية
من افتراض
العلم
بالتهريب إذا
لم يقدم من
وجدت في
حيازته
البضائع بقصد
الاتجار
المستندات الدالة
على أنها قد
سددت عنها
الضرائب
الجمركية
المقررة، مع
إلزام
الحكومة
المصروفات،
ومبلغ مائة
جنيه مقابل
أتعاب
المحاماة. العودة للصفحة الرئيسية |