المحكمة الدستورية
العليا
المصرية قضية رقم 177
لسنة 22 قضائية المحكمة
الدستورية
العليا
"دستورية" مبادئ الحكم: قانون
- مبدأ
المساواة نص الحكم باسم الشعب المحكمة
الدستورية
العليا بالجلسة
العلنية
المنعقدة يوم
7 يوليه سنة 2002 م برئاسة
السيد
المستشار
الدكتور/ محمد
فتحي نجيب رئيس المحكمة والسادة
المستشارين/
عبد الرحمن
نصير وماهر البحيري
ومحمد علي سيف
الدين وعدلي
محمود منصور ومحمد
عبد القادر
عبد الله وعلي
عوض محمد صالح
وحضور
السيد
المستشار/
سعيد مرعي عمرو رئيس هيئة
المفوضين وحضور
السيد/ ناصر
إمام محمد حسن أمين السر الإجراءات
بتاريخ 30/11/2000، أودع
المدعي صحيفة
هذه الدعوى
قلم كتاب
المحكمة،
طالبا الحكم
بعدم دستورية
القانون رقم 4
لسنة 1996 بشأن
سريان أحكام
القانون المدني
على الأماكن التي
لم يسبق
تأجيرها
والأماكن التي
انتهت أو تنتهي
عقود إيجارها
دون أن يكون
لأحد حق
البقاء فيها. وقدمت
هيئة قضايا
الدولة مذكرة طلبت فيها
الحكم برفض
الدعوى. وبعد تحضير
الدعوى،
أودعت هيئة
المفوضين تقريرا
برأيها. ونظرت الدعوى
على النحو
المبين بمحضر
الجلسة، وقررت
المحكمة
إصدار الحكم
فيها بجلسة
اليوم. المحكمة بعد
الاطلاع على
الأوراق،
والمداولة. حيث إن
الوقائع على
ما يبين من
صحيفة الدعوى
وسائر
الأوراق
تتحصل في أنه
بموجب عقد إيجار
مؤرخ 27/9/1996
استأجر المدعي
من مورث
المدعى عليهم
(ثانيا) محلا
تجاريا بجهة
الأربعين
بمحافظة
السويس، وقد
نص العقد على
أن تبدأ مدة
الإيجار
اعتبارا من 1/11/1996
وأن تكون
مشاهرة، ويبدي
المدعي أنه
بعد أن أنفق
على إعداد
المحل مبالغ
كبيرة، وباشر
نشاطه قرابة
ثلاث سنوات،
قام المدعى عليهم
(ثانيا)
بتوجيه إنذار رسمي
بالتنبيه
عليه بإنهاء
العلاقة الإيجارية،
ثم أقاموا ضده
الدعوى رقم 49
لسنة 2000 مدني
أمام محكمة
الأربعين
الجزئية بطلب
الحكم بفسخ
عقد الإيجار
وتسليم العين
خالية مما
يشغلها.
وبجلسة 2/4/2000 قضت
محكمة
الموضوع
بانتهاء عقد
الإيجار
المؤرخ 27/9/1996
وألزمت المدعي
بتسليم العين
المبينة به
خالية مما
يشغلها وذلك
تطبيقا لنص
المادة
الثانية من
القانون رقم 4
لسنة 1996، وإذ لم
يرتض المدعي
هذا القضاء،
فقد طعن عليه
بالاستئناف
رقم 112 لسنة 2000
أمام محكمة
السويس
الابتدائية،
وأثناء نظره
دفع بعدم
دستورية ذلك
القانون،
وبعد تقدير
المحكمة
لجدية دفعه،
صرحت
للمستأنف
بإقامة
الدعوى
الدستورية،
فأقام الدعوى
الماثلة. وحيث إن
القانون رقم 4
لسنة 1996 بشأن
سريان أحكام القانون
المدني على
الأماكن التي
لم يسبق
تأجيرها
والأماكن التي
انتهت أو تنتهي
عقود إيجارها
دون أن يكون
لأحد حق
البقاء فيها،
تجري أحكام
مواده الأربع
على ما يأتي:
مادة أولى: "لا
تسري أحكام
القانونين رقمي
49 لسنة 1977 في شأن
تأجير وبيع
الأماكن
وتنظيم
العلاقة بين المؤجر
والمستأجر و136
لسنة 1981 في شأن
بعض الأحكام
الخاصة
بتأجير وبيع
الأماكن
وتنظيم
العلاقة بين
المؤجر
والمستأجر
والقوانين
الخاصة
بإيجار
الأماكن
الصادرة قبلهما،
على الأماكن التي
لم يسبق
تأجيرها، ولا
على الأماكن التي
انتهت عقود
إيجارها قبل
العمل بهذا
القانون أو
تنتهي بعده
لأى سبب من
الأسباب دون
أن يكون لأحد
حق البقاء
فيها طبقا
للقانون". مادة
ثانية: "تطبق
أحكام
القانون المدني
في شأن تأجير
الأماكن
المنصوص
عليها في
المادة
الأولى من هذا
القانون
خالية أو مفروشة،
أو في شأن
استغلالها
والتصرف
فيها". مادة
ثالثة: "يلغى
كل نص في أي
قانون آخر
يتعارض مع
أحكام هذا
القانون". مادة
رابعة: "ينشر
هذا القانون في
الجريدة
الرسمية،
ويعمل به
اعتبارا من
اليوم التالي
لتاريخ نشره". وحيث إن
المدعى ينعى
على القانون
الطعين مخالفته
لنص المادتين 32
و40 من الدستور
من وجهين،
أولهما: أن
القانون الطعين
صدر بإلغاء
كافة
التشريعات
الاستثنائية
المتعلقة
بإيجار
الأماكن
والسارية منذ
الحرب
العالمية
الثانية والتي
تهدف إلى
حماية
المستأجرين
من عنت ملاك
العقارات،
وذلك على
الرغم من أن
الأسباب التي
دعت المشرع
إلى إصدار تلك
القوانين
مازالت
قائمة، فأزمة
الإسكان ما
فتأت
مستحكمة،
والمعروض من
الوحدات
السكنية دون
المطلوب
منها، ومن ثم
فقد كان أولى
بالمشرع أن
يراعي مصالح
الفئة الأكثر
عددا وأن ينظم
حق الملكية
بما لا يتعارض
مع الخير
العام للشعب،
وثانيهما:
مخالفته
لمبدأ المساواة
المنصوص عليه في
المادة (40) من
الدستور، ذلك
أن
المستأجرين في
جمهورية مصر
العربية
أصبحوا
خاضعين
لنظامين
قانونين
مختلفين في آن
واحد، الأول
أحكام
القانونين رقمي
49 لسنة 1977 و136 لسنة
1981 والتي تقضي
بامتداد عقود
الإيجار بقوة
القانون بعد
انتهاء مدتها
وبتحديد
القيمة الإيجارية
وفقا للأسس
الواردة
بهما، والآخر
القانون المدني
والذي تقضى
أحكامه بعدم
امتداد عقد
الإيجار بعد
انتهاء مدته
وترك تحديد
القيمة الإيجارية
لاتفاق طرفي
العقد، حال
كون الجميع في
مركز قانونيا
واحد، فهم
جميعا
مستأجرون،
وإعمال مبدأ
المساواة في
شأنهم يقتضي
معاملتهم
معاملة
قانونية
متكافئة. وحيث إن
هذا النعي
مردود، ذلك
أنه إذ صاحب
ويلات الحرب
العالمية
الثانية،
نشوب أزمة
طاحنة في مجال
الإسكان،
تمثلت في قلة
المعروض من
الوحدات
المبنية أيا
كانت الأغراض
المخصصة لها وهي
قلة في العرض
لازمها تصاعد تضخمي
متتابع في
القيمة الإيجارية
لهذه الوحدات
وبما أخل
بالحد الأدنى
من التوازن
اللازم
توافره حتى
تضحى إرادات
أطراف العلاقات
الإيجارية
قادرة على
صياغة علاقات
تعاقدية غير
مشوبة بعسف
أحد أطرافها،
لذلك فقد اضطر
المشرع إلى
التدخل
لإفراد بعض
العلائق الإيجارية
بتنظيم خاص،
كان من أبرزه
الأمر العسكري
رقم 598 لسنة 1945
بشأن تأجير
الأماكن
وتنظيم العلاقات
بين المؤجرين
والمستأجرين،
ثم أتبعه بالقانون
رقم 121 لسنة 1947
بشأن إيجار الأماكن
وتنظيم
العلاقة بين
المؤجرين
والمستأجرين،
فقرار رئيس
الجمهورية
بالقانون رقم
168 لسنة 1961 في شأن
خفض إيجار
الأماكن،
وقرار رئيس
الجمهورية
بالقانون رقم
169 لسنة 1961
بتقرير بعض
الإعفاءات من
الضريبة على
العقارات
المبنية وخفض
الإيجارات
بمقدار
الإعفاءات، ثم
قرار رئيس
الجمهورية
بالقانون رقم
46 لسنة 1962 بتحديد
إيجار
الأماكن،
فالقانون رقم
7 لسنة 1965 في شأن
تخفيض إيجار
الأماكن ثم
القانون رقم 52
لسنة 1969 في شأن
إيجار
الأماكن
وتنظيم
العلاقة بين
المؤجرين
والمستأجرين
إلى أن أستبدل
به القانون رقم
49 لسنة 1977 في شأن
تأجير وبيع
الأماكن
وتنظيم
العلاقة بين المؤجر
والمستأجر
فالقانون رقم
136 لسنة 1981 في شأن
بعض الأحكام
الخاصة
بتأجير وبيع
الأماكن
وتنظيم
العلاقة بين
المؤجر
والمستأجر،
وقد خرج
المشرع بهذا
التنظيم على
القواعد العامة
في عقد
الإيجار
خروجا تعلق
بمحورين
جوهريين هما
الحد من حرية
المؤجر في
تقدير
الأجرة،
واعتبار
العقد ممتدا
بقوة القانون
بذات شروطه
الأصلية. وحيث إنه
ولئن صح القول
بأن مواجهة
أزمة الإسكان
والحد من
غلوائها
اقتضى أن تكون
التشريعات
الاستثنائية
الصادرة دفعا
لها مترامية في
زمن تطبيقها،
إلا أنه يتعين
النظر إليها
دوما بأنها
تشريعات
طابعها التأقيت
مهما استطال
أمدها، وأنها
لا تمثل حلا
دائما ونهائيا
للمشكلات
المترتبة على
هذه الأزمة،
بل يتعين دوما
مراجعتها من
أجل تحقيق
التكافؤ بين
مصالح أطراف
العلاقة الإيجارية
فلا يميل
ميزانها في
اتجاه مناقض
لطبيعتها إلا
بقدر الظروف التي
أملت وجودها،
إذ كان ذلك،
وكانت جملة
التطورات التي
لحقت بالحياة
المصرية سواء في
توجهاتها
الاقتصادية
أو حركة
العمران فيها،
أو العلاقات
القانونية
المتعلقة
بتأجير أو
تملك الوحدات
المبنية، قد
قادت إلى واقع
يغاير في جوانب
متعددة منه،
ذلك الواقع الذي
أملى تلك
التشريعات
الاستثنائية
فإنه كان من
المحتم إعادة
النظر في هذه
التشريعات
على نحو
يتوازن فيه
النظر بين ما
يقود إلى مزيد
من التطور الإيجابي
القادر على
استشراف حلول
نهائية
لمشاكل هذا المجال،
وبين ما يتعلق
بتحقيق
الاستقرار فيما
لم يلحقه تغير
كيفي في
الواقع
الممتد منذ
عقود سابقة،
وهو نظر يقود إلى
أن تكون
الفلسفة
الحاكمة
للتغيير التشريعي
عامدة إلى
تجنب تغيير
المسار طفرة
واحدة، بما
يؤدي إلى
المساس
بالسلام الاجتماعي
بين أفراد
المجتمع، وهو
سلام لا يتحقق
إلا بأن تكون
جملة
التشريعات
المنظمة لشأن
واحد قد راعت في
أحكامها
التفصيلية
تباين معدلات
التغير في
مكونات هذا
الشأن، فيصبح
خطابها
متناغما في
انضباطه، فلا
يعنت على بعض
المخاطبين
به، ولا يغلو في
حياده فينفلت
من ضوابطه
آخرون، إذ كان
ذلك وكان
المشرع في
القانون
الطعين قد
انتهج سياسة
متدرجة في رد
العلاقة الإيجارية
إلى أصولها في
التقنين المدني،
فأصدر
القانون رقم 4
لسنة 1996، ناصا
على عدم سريان
أحكام
القانونين رقمي
49 لسنة 1977 و136 لسنة
1981 على الأماكن التي
لم يسبق
تأجيرها،
وكذلك
الأماكن التي
انتهت عقود
إيجارها قبل
العمل به أو
تنتهي بعده
لأى سبب دون
أن يكون لأحد
حق البقاء
فيها. على
أن تطبق في
شأن تأجير هذه
الأماكن أو
استغلالها أو
التصرف فيها
أحكام
القانون المدني.
أما الأماكن التي
سبق تأجيرها
طبقا
للقانونين رقمي
49 لسنة 1977 و136 لسنة
1981 فتظل خاضعة
لأحكام هذين
القانونين
إلى أن تنتهي عقود
إيجارها لأى
سبب دون أن
يكون لأحد حق
البقاء فيها
طبقا
للقانون، فإن
المشرع بذلك
كله يكون قد
التزم هذه
الفلسفة فيما
أورده من أحكام
القانون
الطعين،
مستهدفا
تحقيق
التوازن المنشود
في العلائق الإيجارية،
بما يكفل
مصالح
أطرافها،
مرتكزا على
مبدأ التضامن الاجتماعي
كما أرساه
حكم المادة (7)
من الدستور والتي
مؤداها وحدة
الجماعة في
بنيانها،
وتداخل
مصالحها،
وإمكان
التوفيق بينها،
كما أعاد إلى
ملاك الوحدات التي
تخضع لأحكامه
حرية التصرف
فيها
واستغلالها،
بما يغدو معه
الادعاء
بمخالفته لنص
المادة (32) من
الدستور،
ادعاء غير مبني
على أساس دستوري
صحيح. وحيث إن
مبدأ مساواة
المواطنين
لدى القانون على
ما جرى عليه
قضاء هذه
المحكمة لا
يعني أن تعامل
فئاتهم على ما
بينها من
تفاوت في
مراكزها
القانونية
معاملة
قانونية
متكافئة،
كذلك لا يقوم
هذا المبدأ
على معارضة
صور التمييز
جميعها، ذلك
أن من بينها
ما يستند إلى
أسس موضوعية
ولا ينطوي بالتالي
على مخالفة
لنص المادة (40)
من الدستور؛
بما مؤداه أن
التمييز المنهي
عنه بموجبها
هو الذي يكون
تحكميا وبين
أصحاب المركز القانوني
الواحد، إذ
كان ذلك وكان
القانون
الطعين قد فرق
بين نوعين من
الأماكن،
أولهما، تلك التي
تكون محلا
لعلاقات إيجاريه
قائمة وخاضعة
لأحكام
القانونين رقمي
49 لسنة 1977، 136 لسنة
1981، وثانيهما،
الأماكن التي
لم يسبق
تأجيرها أو التي
انتهت عقود
إيجارها قبل
العمل
بأحكامه أو
تنتهي بعده
دون أن يكون
لأحد حق
البقاء فيها
طبقا للقانون،
فأبقى الأولى
خاضعة للنظام القانوني
الذي نشأت في
ظله، وأخضع
الثانية فيما
ينشأ من
علاقات بشأنها،
لأحكام
القانون المدني،
فإنه يكون
بذلك قد غاير في
المعاملة
التشريعية
بين نوعين من
العلاقات الإيجارية
يستقل كل منها
بنظامه القانوني
الخاص، وتنشأ
عن كل منهما
مراكز
قانونية تتباين
عن المراكز
القانونية التي
تنشأ عن
النظام
الآخر، وهو في
ذلك كله لم
يقم تمييزا
بين
المخاطبين
بأحكام كل
نظام
والمتكافئة
مراكزهم القانونية
في نطاقه،
ويغدو النعي
عليه من بعد
ذلك بمخالفته
لأحكام
المادة (40) من الدستور
نعيا غير صحيح. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة
برفض الدعوى،
وبمصادرة
الكفالة،
وألزمت المدعي
المصروفات،
ومبلغ مائتي
جنيه مقابل
أتعاب
المحاماة. العودة للصفحة الرئيسية |