المحكمة العليا
المصرية قضية
رقم 2 لسنة 7
قضائية المحكمة
العليا "تفسير" مبادئ
الحكم: أمن الدولة - جنائي - مخابرات
عامة نص الحكم المحكمة
العليا بالجلسة
العلنية
المنعقدة يوم
20 من نوفمبر
سنة 1976 م برئاسة
السيد
المستشار/ بدوي
إبراهيم
حمودة رئيس
المحكمة والسادة
المستشارين/
محمد عبد الوهاب
خليل وعمر
حافظ شريف
ومحمد بهجت
عتيبة وعلي
أحمد كامل
وأبو بكر محمد
عطية ومحمد فهمي
حسن عشري أعضاء وحضور
المستشار/
محمد كمال
محفوظ مفوض
الدولة وحضور
السيد/ سيد
عبد الباري إبراهيم أمين السر أصدرت
الحكم الآتي في القضية
المقيدة في
جدول المحكمة
العليا برقم 2
لسنة 7 قضائية
عليا "تفسير". الوقائع طلب وزير
العدل بكتابه
رقم 234 المؤرخ 26
من يونيه سنة 1976 -
بناء على طلب
السيد رئيس
المخابرات
العامة -
إصدار قرار تفسيري
للمادة
الثالثة من
القانون رقم 100
لسنة 1971 بنظام
المخابرات
العامة،
لبيان ما إذا
كانت
المخابرات
العامة تختص
بالحفاظ على
سلامة وأمن
الدولة من جهة
الداخل، سواء
باعتباره مما
يدخل في
الاختصاص
العام للمخابرات
وفقا لما جاء في
صدر تلك
المادة أو
باعتباره
عملا إضافيا
مما يجوز أن
يعهد به إليها
رئيس
الجمهورية أو
مجلس الدفاع الوطني
ويكون متعلقا
بسلامة
البلاد على
نحو ما جاء في
عجز المادة
المذكورة. وجاء بهذا
الطلب أن نص
المادة
الثالثة من
القانون
المذكور أثار
خلافا في الرأي
حول اختصاص
المخابرات
العامة
بالمحافظة على
سلامة الدولة
وأمنها من جهة
الداخل، فذهب
رأي - وهو الذي
يجري العمل
على مقتضاه -
إلى أن اختصاص
المخابرات
العامة
بالمحافظة على
سلامة وأمن
الدولة من
اختصاص عام
يشمل الحفاظ
على سلامة
الدولة
وأمنها سواء
من جهة الخارج
أو من جهة
الداخل، في
حين ذهب رأي
آخر إلى أن
اختصاص
المخابرات
العامة
بالمحافظة
على سلامة
الدولة
وأمنها مقصور
على الحفاظ
على أمن
الدولة الخارجي
ولا يمتد إلى
ما يتصل بأمن
الدولة الداخلي
الذي تختص
بالمحافظة
عليه جهة
الشرطة
وإدارة مباحث
أمن الدولة
التابعة
لوزارة
الداخلية. وحسما
للخلاف بين وجهتي
النظر سالفتي
الذكر في
تفسير نص ذي
أهمية في
تحديد ما تختص
به المخابرات
العامة من
مسائل المحافظة
على سلامة
الدولة
وأمنها،
وضمانا لوحدة
التطبيق القضائي
لهذا النص
تقدم وزير
العدل بطلب
تفسير لإيضاح
مدلوله، وقيد
الطلب برقم 2
لسنة 7 قضائية
عليا تفسير،
وأودعت هيئة
المفوضين
تقريرا مسببا بالرأي
القانوني،
وحدد لنظر
الطلب أمام
المحكمة جلسة
6 من نوفمبر
سنة 1976 حيث أجلت
لجلسة 20 من
نوفمبر سنة 1976
وفيها صدر
القرار الآتي: المحكمة بعد
الاطلاع على
الأوراق
وسماع
الإيضاحات والمداولة. من حيث أن
الطلب قد
استوفى
الأوضاع
المقررة
قانونا. ومن حيث إن
المادة
الثالثة من القانون
رقم 100 لسنة 1971
بنظام
المخابرات
العامة تنص
على أن "تختص
المخابرات
العامة
بالمحافظة
على سلامة
وأمن الدولة،
وحفظ كيان
نظامها السياسي
وذلك بوضع
السياسة
العامة للأمن،
وجمع الأخبار
وفحصها،
وتوزيع
المعلومات
المتعلقة
بسلامة
الدولة، ومد
رئيس
الجمهورية ومجلس
الدفاع الوطني
وهيئة
المخابرات
بجميع
احتياجاتها
وتقديم المشورة
والتوصيات
اللازمة لها،
وتختص كذلك بأي
عمل إضافي
يعهد به إليها
رئيس
الجمهورية أو
مجلس الدفاع الوطني
ويكون متعلقا
بسلامة
البلاد". ومن حيث إن
الخلاف في
تفسير هذا
النص يقوم في
خصوص تحديد
مدى اختصاص
جهاز
المخابرات
العامة
بالحفاظ على
سلامة الدولة
وأمنها: هل
يقف عند حد
سلامة الدولة
وأمنها من جهة
الخارج أم أنه
اختصاص عام
يتناول
الحفاظ على سلامة
الدولة
وأمنها في
الخارج وفي
الداخل على
السواء. ومن حيث
إنه يبين من
استقصاء
تاريخ
الشرائع
الجنائية التي
عرضت للجرائم
الماسة بأمن
الدولة أنها
لم تكن تفرق -
حتى منتصف
القرن السابع
عشر - بين
الأفعال
الماسة بأمن
الدولة الخارجي
وبين الأفعال
الماسة بأمن
الدولة الداخلي،
إذ كان تجريم
هذه الأفعال
وتلك - غير
مقصود به سوى
حماية الحكام
أنفسهم وضمان ولاء
الرعية لهم،
ولذا فقد جرت
هذه
التشريعات
على جمع كل هذه
الجرائم تحت
عنوان واحد
وهو "الجرائم
الماسة
بالتاج أو
بهيبة
السلطان" Crime de lèse
Majesté.
ثم أخذت - منذ
نهاية القرن
الثامن عشر -
تنظر إلى هذه
الأفعال
جميعا
باعتبارها
واقعة على
الدولة،
وصنفتها
صنفين لطبيعة
الحق
والمصلحة
المعتدى
عليها تبعا
لدرجة جسامة
الفعل؛ فخلعت
على الجرائم التي
تمس حقوق
الدولة أو
مصالحها في
مواجهة غيرها
من الدول والتي
تستهدف
الاعتداء على
استقلالها أو
إعانة عدوها
عليها أو
زعزعة كيانها في
المحيط الدولي
وصف "الجرائم
الماسة بأمن
الدولة من جهة
الخارج "
بينما وصفت الجرائم
التي تقع على
حقوق الدولة
ومصالحها
تجاه المحكومين
والتي تستهدف
تغيير النظام السياسي
الداخلي أو
الإطاحة
بالسلطة
الحاكمة بوصف "الجرائم
الماسة بأمن
الدولة من جهة
الداخل" وقد
نهج الشارع المصري
هذا النهج، في
قوانين
العقوبات. ومن حيث إن
هذا التصنيف
إنما يقوم على
مجرد تقسيم علمي
للجرائم التي
تقع على ذات
واحدة هي
الدولة أي على
حقوقها أو
مصالحها، ولا
ينفي قيام
الصلة أو
التأثير
المتبادل بين
هذين النوعين
من الجرائم؛
فصاحب الحقوق
أو المصالح
المعتدى
عليها في
النوعين واحد
وهو الدولة،
والاعتداء
على النظام السياسي
الداخلي
للدولة يؤثر في
مركزها بين
الدول بل
ويحدث -
أحيانا - خللا في
قوة مقاومتها
لأعدائها،
كما أن المساس
باستقلال
الدولة
وزعزعة كيانها
في المحيط الدولي
ينعكس في
الغالب على
نظامها السياسي
الداخلي
وهيئاتها
الحاكمة، على
نحو يجعل من
نوعي الأفعال
الماسة بأمن
الدولة قسمين
يقتسمان هدفا
واحدا لا
يتجزأ هو
الحفاظ على
الأمن الشامل
للدولة ولا
يختلفان إلا في
المحل الذي
تقع عليه
الجريمة. وعلى مقتضى
ما تقدم تكون
المادة
الثالثة من القانون
رقم 100 لسنة 1971
بنظام
المخابرات
العامة إذ نصت
في صدرها على
أن "تختص
المخابرات
العامة
بالمحافظة
على سلامة
وأمن الدولة
وحفظ كيان
نظامها السياسي"
تكون قد خولت
المخابرات
العامة
اختصاصا أصيلا
يشمل
المحافظة على
أمن الدولة من
جهتي الخارج
والداخل سواء
كون الفعل
جريمة أو لم يكون،
وذلك بنص صريح
واضح لا تقوم
معه حاجة إلى
الرجوع إلى
المذكرة
الإيضاحية
للقانون رقم 100
لسنة 1971
لاستظهار قصد
المشرع منه،
لأن الرجوع
إلى المذكرة
الإيضاحية لا
يكون إلا عند
غموض النص
وعدم وضوحه،
ولأن ما ورد في
المذكرة
الإيضاحية
للقانون رقم 100
لسنة 1971 من أن
المشرع قد عهد
إلى
المخابرات
العامة بمهمة
الحفاظ على
أمن البلاد
وكيانها الدستوري
ضد محاولات
الاستعمار
والامبريالية
وأجهزة
المخابرات
المعادية، لا
يدل على أن
المشرع قصد
إلى قصر
اختصاص المخابرات
العامة على
المحافظة على
سلامة وأمن
الدولة من جهة
الخارج فحسب،
لأن الملاحظ في
العصر الحديث
أن محاولات
الاستعمال
والامبريالية
وأجهزة
المخابرات
المعادية
كثيرا ما تسعى
إلى تهديد
النظام السياسي
الداخلي
للدولة عن
طريق عملائها في
الداخل،
ولأنه لا عبرة
في اعتبار
الجريمة ماسة
بأمن الدولة
من جهة الخارج
أو من جهة
الداخل - بأن
يكون مصدر
الخطر خارجيا
أو داخليا،
فقد يصدر
الخطر من
الداخل بل ومن
مصري يرتكب
جريمته في مصر
ومع ذلك تعد
الجريمة من
الجرائم
الماسة بأمن
الدولة من جهة
الخارج،
لأنها تمس
كيان الدولة في
مواجهة غيرها
من الدول،
مثال ذلك
تحريض الجند
أو قوات
الدفاع - في
زمن الحرب -
على الانضمام
إلى العدو (المادة
78 ب من قانون
العقوبات المصري)
كما قد يكون
الخطر آتيا من
الخارج ومن أجنبي
يرتكب جريمته في
الخارج ومع
ذلك تعد
جريمته من
الجرائم
الماسة بأمن
الدولة من جهة
الداخل لأنها
تمس كيان الدولة
تجاه
المحكومين،
مثال ذلك
محاولة أجنبي في
الخارج قلب أو
تغيير
الدستور المصري
أو شكل
الحكومة
بالقوة (المادتان
87 و2/ثانيا من
قانون
العقوبات المصري)
ولذا فإن
المناط في
تحديد ما إذا
كانت الجريمة
ماسة بأمن
الدولة من جهة
الخارج أو
ماسة بأمنها
من جهة الداخل،
هو المصلحة أو
الحق الذي وقع
الاعتداء
عليه حسبما
سلف البيان بغض
النظر عن مصدر
الخطر الذي
ترتب عليه
الضرر أو من
شأنه ترتب
الضرر عليه،
وهذا هو ما
حدا ببعض
التشريعات
الأجنبية
كالتشريع الإيطالي
إلى تسمية
جرائم الأمن الخارجي
بالجرائم "التي
تقع ضد
الشخصية
الدولية
للدولة" وإلى
تسمية الجرائم
الماسة بأمن
الدولة من جهة
الداخل
بالجرائم "التي
تقع ضد
الشخصية
الداخلية
للدولة"
إبرازا لهذا
المعيار رغم
تعارض هاتين
التسميتين مع الرأي
الراجح في
القانون
العام من أن
للدولة شخصية
واحدة. ومن حيث
إنه على هدى
ما تقدم فقد
جاءت عبارة "أمن
الدولة"
الواردة في
صدر المادة
الثالثة من
القانون رقم 100
لسنة 1971 بنظام
المخابرات
العامة في
صيغة عامة
مطلقة، وإذ
كان من المقرر
في القواعد
الأصولية في
تفسير النصوص
أن النص العام
يؤخذ على
عمومه حتى يرد
ما يخصصه وأن
النص المطلق
يؤخذ على
إطلاقه حتى
يرد ما يقيده،
فلا يكون
سديدا تفسير
هذه العبارة
بقصر مدلولها
على أمن
الدولة الخارجي
دون أمنها الداخلي،
وإنما الصحيح في
التفسير هو
بسط مدلول هذه
العبارة كي
تشمل نوعي أمن
الدولة الخارجي
والداخلي على
السواء، أما
قيام جهة أخرى
من الجهات
المنوط بها
حفظ الأمن
كإدارة مباحث
أمن الدولة
التابعة لوزارة
الداخلية
بالحفاظ على
النظام السياسي
الداخلي
للدولة فهو لا
يحول قانونا
دون عقد
الاختصاص بذات
العمل - في ذات
الوقت -
للمخابرات
العامة بل
ولغيرها من
الجهات، فقد
وكل الدستور -
على سبيل
المثال - في
المادة 179 منه -
إلى المدعي الاشتراكي
اتخاذ
الإجراءات التي
تكفل سلامة
المجتمع
"ونظامه السياسي"
يؤيد هذا
النظر أن
المادة
الثالثة من
القانون رقم 100
لسنة 1971 بنظام
المخابرات
العامة - بعد
أن بينت
اختصاصات
المخابرات
العامة على النحو
سالف البيان -
أوردت كما
أوردت المادة
الرابعة من
هذا القانون
بعض
الإجراءات
والوسائل التي
تستعين بها
المخابرات
العامة في
ممارسة هذه
الاختصاصات
تحقيقا
لأهدافها في
المحافظة على
أمن الدولة من
جهة الداخل
ويبين - بجلاء -
من نص المادة
الرابعة
المذكورة أن
جميع الإجراءات
والوسائل التي
أوردتها
تتعلق بتنظيم
عمل
المخابرات
العامة في
ممارسة
اختصاصها
بالحفاظ على
أمن الدولة من
جهة الداخل،
بل إن هذه
المادة قد
جعلت سياسة
المخابرات العامة
وتوجيهاتها - في
هذا الشأن -
ملزمة لجميع
وحدات الجهاز الإداري
للدولة
ولجميع
الهيئات
والمؤسسات
العامة والوحدات
الاقتصادية
التابعة لها،
فقد نصت على
أن: يكون
للمخابرات
العامة: (أ) الإشراف
على نشاط
المخابرات
المتعلق
بسلامة
الدولة في
الجهاز الإداري
والهيئات
والمؤسسات
العامة
والوحدات
الاقتصادية
التابعة لها والتي
يصدر
بتحديدها
قرار رئيس
المخابرات
العامة؛
ويكون
للمخابرات
العامة إنشاء
مكاتب أمن في
هذه الجهات
لتنفيذ سياسة
وتعليمات
الأمن التي
تصدرها. (ب)
تنسيق نشاط
المخابرات
بين المصالح
والإدارات
المختصة في
الدولة. (ج)
تحديد
اعتبارات
الأمن التي
يجب توافرها
فيمن
يتداولون أي
سر من
أسرار الدولة. (د) منح
الأجانب إذنا
بالدخول إلى
البلاد أو الإقامة
بها مع إنهاء
تلك الإقامة
عند الضرورة؛
وكذلك وضع
الأفراد على
قوائم
الممنوعين من
الخروج أو الدخول
استثناء من
أحكام القوانين
الخاصة بذلك
متى كانت
المصلحة
العليا للوطن
تتطلب اتخاذ
هذا القرار. وتعتبر
سياسة
وتوجيهات
المخابرات
العامة - في
هذا الشأن -
ملزمة لجميع
وحدات الجهاز الإداري
والهيئات
والمؤسسات
العامة
والوحدات
الاقتصادية
التابعة لها". وحيث إنه
يخلص من كل ما
تقدم أن
الحفاظ على سلامة
وأمن الدولة
من جهة الداخل
يدخل في
الاختصاص
الأصيل
للمخابرات
العامة وفقا
لما جاء في
صدر المادة
الثالثة من
القانون رقم 100
لسنة 1971 بنظام
المخابرات
العامة؛ ومتى
تقرر ذلك فلا
يكون ثمة محل
لبحث اختصاص المخابرات
العامة بهذا
العمل بوصفه
عملا إضافيا
مما يجوز أن
يعهد به إليها
رئيس الجمهورية
أو مجلس
الدفاع الوطني
ويكون متعلقا
بسلامة
البلاد
وأمنها على
نحو ما جاء في
عجز المادة
الثالثة من
القانون
المشار إليه. فلهذه الأسباب وبعد
الاطلاع على
المادة
الثالثة من
القانون رقم 100
لسنة 1971 بنظام
المخابرات
العامة؛ قررت
المحكمة ما يلي أن الحفاظ
على سلامة
الدولة
وأمنها من جهة
الداخل يدخل في
الاختصاص
الأصيل
للمخابرات
العامة وفقا
لما جاء في
صدر المادة
الثالثة من
القانون رقم 100
لسنة 1971 بنظام
المخابرات
العامة. العودة للصفحة الرئيسية |