المحكمة
الدستورية
العليا
المصرية قضية
رقم 27 لسنة 8
قضائية المحكمة
الدستورية
العليا
"دستورية" مبادئ الحكم: أثر
رجعي - حق
التأمين الاجتماعي
- حق العمل - حق
المعاش - حقوق - دستور
- دعوى
دستورية - رقابة
قضائية - سلطة
المشرع - قانون
- معاش - ملكية نص الحكم المحكمة
الدستورية
العليا بالجلسة
العلنية
المنعقدة 4 يناير
سنة 1992 م برئاسة
السيد
المستشار
الدكتور/ عوض
محمد عوض المر رئيس
المحكمة والسادة
المستشارين/ الدكتور
محمد إبراهيم
أبو العينين
وفاروق عبد الرحيم
غنيم وعبد الرحمن
نصير وسامي
فرج يوسف
ومحمد علي عبد
الواحد وماهر
البحيري أعضاء وحضور
السيد
المستشار/
السيد عبد الحميد
عمارة المفوض وحضور
السيد/ رأفت
محمد عبد الواحد أمين السر أصدرت
الحكم الآتي في القضية
المقيدة
بجدول
المحكمة
الدستورية العليا
برقم 27 لسنة 8
قضائية
"دستورية". الإجراءات في الأول
من ديسمبر سنة
1986 أودع
المدعون قلم
كتاب المحكمة
صحيفة الدعوى
الماثلة
طالبين الحكم
بعدم دستورية
القانون رقم 57
لسنة 1970
"بسريان أحكام
القانون رقم 77
لسنة 1962 - بعدم
جواز الجمع
بين مرتب
الوظيفة في
الشركات التي
تساهم فيها
الدولة وبين
المعاش
المستحق قبل
التعيين فيها -
على العاملين
بالمنشآت
وبالجمعيات
التعاونية التي
تملكها أو
تساهم فيها
الدولة،
وبالتجاوز عن
استرداد ما
سبق صرفه
بالمخالفة
لأحكام هذا
القانون". وقدمت هيئة
قضايا الدولة،
مذكرة طلبت
فيها أصليا
الحكم بعدم
قبول الدعوى
بالنسبة
للمادتين
الأولى
والثانية من
القانون رقم 57
لسنة 1970،
واحتياطيا
برفض الدعوى
برمتها. وبعد تحضير
الدعوى، قدمت
هيئة
المفوضين
تقريرا
برأيها. ونظرت الدعوى
على الوجه
المبين بمحضر
الجلسة،
وقررت
المحكمة
إصدار الحكم
فيها بجلسة
اليوم. المحكمة بعد
الاطلاع على
الأوراق،
والمداولة. حيث إن
الوقائع - على
ما يبين من
صحيفة الدعوى
وسائر
الأوراق -
تتحصل في أن
المدعين بعد
أن أحيلوا إلى
التقاعد من
خدمة القوات
المسلحة
عينوا
بالجمعية
التعاونية
الاستهلاكية إلى
أن انتهت خدمة
بعضهم فيها في
غضون سنة 1967
وبالنسبة إلى
آخرين منهم
خلال سنة 1968،
وقد ظلوا
يجمعون بين
معاشاتهم
العسكرية ومرتباتهم
من هذه
الجمعية حتى
سنة 1965 إذ تقرر
حرمانهم من
الحق في الجمع
بينهما،
فأقاموا
لاقتضاء هذا
الحق الدعوى
رقم 1252 لسنة 22 قضائية
أمام محكمة
القضاء الإداري
التي انتهت
إلى رفضها،
فطعنوا في
حكمها أمام
المحكمة
الإدارية
العليا بالطعن
رقم 1208 لسنة 19
قضائية، فقضى
بقبوله شكلا، وفي
الموضوع
بإلغاء الحكم
المطعون فيه،
وبعدم اختصاص
محاكم مجلس
الدولة بنظر
الدعوى
وبإحالتها
إلى اللجنة
القضائية لضباط
القوات
المسلحة،
وأمام هذه
اللجنة دفع
المدعون بعدم
دستورية المادة
الثالثة من
القانون رقم 57
لسنة 1970 فيما نصت
عليه من العمل
بأحكامه
اعتبارا من
تاريخ العمل
بالقانون رقم
77 لسنة 1962 بعدم
جواز الجمع بين
مرتب الوظيفة في
الشركات التي
تساهم فيها
الدولة وبين
المعاش
المستحق قبل
التعيين فيها.
وإذ قدرت
اللجنة جدية
هذا الدفع
وحددت للمدعين
موعدا غايته
ثلاثة أشهر
لرفع الدعوى
الدستورية،
فقد أقاموا
الدعوى
الماثلة. وحيث إن
القانون رقم 77
لسنة 1962 كان ينص
على حظر الجمع
بين مرتب
الوظيفة في
الشركات التي
تساهم فيها
الدولة وبين
المعاش
المستحق قبل التعيين
فيها، وإذ
ارتأت وزارة
الخزانة أن
روح هذا
القانون وأهدافه
يقتضيان
سريان الحظر
المشار إليه على
العاملين
بالمنشآت
والجمعيات التي
تملكها أو
تساهم فيها
الدولة، فقد
صدر القانون
رقم 57 لسنة 1970 الذي
نص في مادته الأولى
على أن "تسري
أحكام
القانون رقم 77
لسنة 1962 بعدم
جواز الجمع بين
مرتب الوظيفة في
الشركات التي
تساهم فيها
الدولة وبين
المعاش
المستحق قبل التعيين
فيها، على
العاملين
بالمنشآت
وبالجمعيات
التعاونية التي
تملكها أو
تساهم فيها
الدولة، كما
نص في مادته
الثانية على
أن "يتجاوز عن
استرداد ما
سبق صرفه من
معاشات
بالمخالفة
لأحكام هذا
القانون."، وفي مادته
الثالثة على
أن "يعمل بهذا
القانون من تاريخ
العمل
بالقانون رقم
77 لسنة 1962 المشار
إليه". وحيث إن
المدعين
ينعون على
القانون رقم 57
لسنة 1970 سالف
البيان
مخالفته مبدأ الفصل
بين السلطات
وانطوائه على
تحصين أعمال
إدارية من
رقابة القضاء
وخروجه على
مبدأ عدم
رجعية
القوانين
فضلا عن
إخلاله بمبدأ
المساواة
أمام القانون،
وذلك بمقولة
أن هذا
القانون صدر
كتشريع مفسر لأحكام
القانون رقم 77
لسنة 1962 منتهكا
بذلك السلطة
الأصلية
للقضاء في
مجال تفسير
النصوص
التشريعية،
وأن القانون
المطعون فيه
ليس عملا
تشريعيا في
حقيقة الأمر
إذ لا يعدو أن
يكون قرارا
إداريا ألبس
شكل القانون
توقيا
لمخاصمة هذا
القرار الذي
صدر في شأن
أشخاص
محصورين
بذواتهم بما
يتعارض ومبدأ
تجرد القاعدة
القانونية،
ومن جهة أخرى
فقد كان يتعين
على السلطة
التشريعية أن
تقر المادة
الثالثة من
القانون المطعون
فيه
والمتضمنة
أثرا رجعيا
بالأغلبية الخاصة
المنصوص
عليها في
المادة 163 من
دستور سنة 1964 - الذي
صدر في ظله
ذلك القانون - وهي
أغلبية أعضاء
المجلس التشريعي،
فلا تكفي بشأنها
أغلبية
الحاضرين
منهم، وقد خلت
مضابط مجلس
الأمة مما
يفيد توافر
هذه الأغلبية
الخاصة عند
إقراره
للمادة
المشار إليها،
الأمر الذي
يصمها بعدم
الدستورية
لعدم
استيفائها
الشكل الذي
تطلبه
الدستور
لإقرارها. هذا
بالإضافة إلى
أن تقرير
الأثر الرجعي
قد اخل بمبدأ
المساواة
أمام القانون
بين فئتين
تماثل
أفرادهما في
مراكزهم
القانونية
هما فئة
المدعين
الذين حرمهم
القانون
المطعون فيه
من حقوقهم
المكتسبة،
وفئة أخرى من
نظرائهم
الذين تجاوز
المشرع عن استرداد
ما سبق صرفه
لهم من معاش
بالمخالفة لأحكام
القانون
المطعون فيه،
وترتيبا على
ذلك ينعى
المدعون على
القانون
المطعون فيه مخالفته
لأحكام
المواد 40، 68، 165
من الدستور
القائم
والمادة 163 من
دستور سنة 1964. وحيث إن
ولاية هذه
المحكمة في
الدعاوى
الدستورية -
وعلى ما جرى
به قضاؤها - لا
تقوم إلا
باتصالها
بالدعوى
اتصالا مطابقا
للأوضاع
المقررة في
قانونها،
وكان نطاق
الدعوى
الدستورية التي
أتاح المشرع
للخصوم
إقامتها
يتحدد بنطاق
الدفع بعدم
الدستورية الذي
أثير أمام
محكمة
الموضوع وفي الحدود
التي تقدر
فيها جديته،
وكان المدعون في
الدعوى
الماثلة قد
دفعوا أمام
محكمة
الموضوع بعدم
دستورية ما
قررته المادة
الثالثة من
القانون رقم 57
لسنة 1970 من
العمل
بأحكامه
اعتبارا من
تاريخ العمل بالقانون
رقم 77 لسنة 1962،
وكان التصريح
الصادر عن
محكمة
الموضوع برفع الدعوى
الدستورية
منحصرا في هذا
النطاق وحده،
فإن الطعن على
المادتين
الأولى
والثانية من
القانون رقم 57
لسنة 1970 يكون
مجاوزا ذلك
النطاق الذي
تتحدد به
المسألة
الدستورية التي
تدعى هذه
المحكمة
للفصل فيها
بما مؤداه
انتفاء اتصال
الدعوى
الماثلة - في
خصوص هاتين
المادتين -
بالمحكمة
الدستورية
العليا
اتصالا
مطابقا للأوضاع
التي رسمها
قانونها والتي
لا يجوز
الخروج عليها
بوصفها ضوابط
جوهرية فرضها
المشرع
للمصلحة
العامة كي
ينتظم التداعي
في المسائل
الدستورية
وفقا لها. وحيث إن
المدعين
ينعون على نص
المادة
الثالثة من القانون
المطعون فيه
انسحابها إلى الماضي
دون أن تقرها
السلطة التشريعية
بالأغلبية
الخاصة
المنصوص
عليها في
المادة 163 من
دستور سنة 1964. وحيث إن
هذا النعي
مردود بأن
الأصل المقرر
دستوريا هو
عدم سريان
أحكام
القوانين إلا
على ما يقع من
تاريخ العمل
بها فلا يترتب
عليها أثر
فيما وقع
قبلها، وإن
السلطة
التشريعية
تتخذ
قراراتها
بالأغلبية
المطلقة
للحاضرين من
أعضائها وأنه
استثناء من
هاتين
القاعدتين
أجاز الدستور -
في غير المواد
الجنائية -
النص في
القانون على
رجعية الآثار التي
يرتبها على أن
يكون ذلك
بموافقة
أغلبية أعضاء
السلطة
التشريعية في
مجموعهم، وهي أغلبية
خاصة فرضها
الدستور
كضمانة
أساسية للحد
من الآثار التي
تحدثها
الرجعية في
محيط العلاقة
القانونية
وتوكيدا
لخطورتها في
الأعم الأغلب
من الأحوال
باعتبار ما قد
تؤول إليه من
مساس بالحقوق
وإخلال
بالاستقرار،
إذ كان ذلك،
وكان البين من
مضبطتي مجلس
الأمة في جلستيه
الحادية
والأربعين
والسادسة
والأربعين
المنعقدتين
على التوالي في
22، 30 يونيه سنة 1970
أن الاقتراع النهائي
على مشروع
القانون رقم 57
لسنة 1970 قد تم
نداء بالاسم
باعتباره
متضمنا أثرا
رجعيا وكانت
رجعية هذا
الأثر حقيقة
قانونية دار
حولها النقاش في
المجلس التشريعي،
وقد أسفر
الاقتراع عن
الموافقة على
هذا المشروع في
مجموع مواده
بأغلبية 287
عضوا من مجموع
أعضاء المجلس
البالغ عددهم
وقتئذ
ثلاثمائة
وستين عضوا،
فإن قالة
انتفاء
الأغلبية
الخاصة التي
استلزمها
الدستور
لإقرار
القوانين
رجعية الأثر
تكون فاقدة
لأساسها حرية
بالرفض. وحيث إن
استيفاء
المادة
الثالثة
المطعون عليها
للشكلية التي
تطلبها
الدستور
لإقرار
القوانين
رجعية الأثر
على ما سلف
بيانه، لا
يعصمها من
الخضوع
للرقابة التي
تباشرها هذه
المحكمة على
دستورية
القوانين كلما
كان حكمها
منطويا على
إهدار لحق من
الحقوق التي
كفلها
الدستور، أو
يفرض قيودا
عليه تؤدي إلى
الانتقاص منه،
ذلك أن
الدستور
يتميز بطبيعة
خاصة تضفي
عليه السيادة
والسمو
بحسبانه كفيل
الحريات وموئلها
وعماد الحياة
الدستورية،
وأساس نظامها،
فحق لقواعده - بالتالي
- أن تستوي على
القمة من
البنيان القانوني
للدولة وأن
تتبوأ مقام
الصدارة بين
قواعد النظام
العام،
اعتبارا بأن
أحكام
الدستور هي
أسمى القواعد
الآمرة التي
تلتزم الدولة
بالخضوع لها في
تشريعها
وقضائها، وفي مجال
مباشرتها
لسلطتها
التنفيذية، وفي
إطار هذا
الالتزام،
وبمراعاة
حدوده، تكون
موافقة
النصوص
التشريعية
لأحكام الدستور
رهنا
ببراءتها مما
قد يشوبها من
مثالب دستورية،
سواء في ذلك
تلك التي تقوم
على مخالفة
شكلية
للأوضاع
الإجرائية التي
يتطلبها
الدستور، أم
تلك التي يكون
مبناها
مخالفة
لقواعده
الموضوعية التي
تعكس
مضامينها
القيم والمثل التي
بلورتها
الإرادة
الشعبية،
وكذلك الأسس التي
تنتظم
الجماعة،
وضوابط
حركتها. وحيث إن
الأصل في سلطة
المشرع في
مجال تنظيم
الحقوق - وعلى
ما جرى به
قضاء هذه
المحكمة -
أنها سلطة
تقديرية ما لم
يقيدها
المشرع بضوابط
معينة تحد من
إطلاقها
وترسم بالتالي
حدودا
لممارستها لا
يجوز تخطيها،
وكان الدستور
إذ يعهد إلى
السلطة
التشريعية تنظيم
موضوع معين،
فإن
تشريعاتها في
هذا الإطار لا
يجوز أن تنال
من الحق محل
الحماية
الدستورية،
وذلك
باقتحامها -
بالنقص أو
الانتقاص -
المنطقة التي
اعتبرها
الدستور
مجالا حيويا
لهذا الحق لضمان
فعاليته. وحيث إن
البين من
استقراء
أحكام
الدستور وربطها
ببعض في إطار
من الوحدة
العضوية التي
تجمعها، وبما
يقتضيه تحقيق
الاتساق
والتكامل
بينها، أنه في
مجال حق العمل
والتأمين الاجتماعي،
كفل الدستور
أمرين،
أولهما أن
العمل ليس
ترفا ولا هو
منحة من الدولة
تبسطها أو
تقبضها تحكما
أو إعناتا،
ذلك أن الفقرة
الأولى من
المادة 13 من
الدستور نظمته
بوصفه حقا لكل
مواطن،
وواجبا يلتزم
بأدائه،
وشرفا يرنو
إليه، وهو
باعتباره
كذلك
ولأهميته في
تقدم الجماعة
وإشباع
احتياجاتها
توليه الدولة
تقديرها، إذا
امتاز العامل في
النهوض
بتبعاته. أما
فقرتها
الثانية
فتؤكد أن
الأصل في
العمل أن يكون
إراديا قائما
على الاختيار
الحر، فلا
يحمل عليه
المواطن حملا
إلا أن يكون
ذلك وفق قانون
وبوصفه
تدبيرا
استثنائيا
لأداء خدمة
عامة وبمقابل
عادل. وهي شروط
تطلبها
الدستور في
العمل الإلزامي،
وألزم المشرع
بمراعاتها
مقيدا سلطته في
مجال تنظيمه
حتى لا يتحول
العمل إلى نوع
من السخرة
المجافية في
مضمونها للحق في
العمل بوصفه
شرفا
والمناقضة
للمادة 13 من
الدستور
بفقرتيها إذ
كان ذلك، وكان
الأجر العادل
مشروطا
بالفقرة
الثانية من
المادة 13 آنفة
البيان،
لأداء العمل الذي
تقتضيه
الدولة قسرا
من مواطنيها
نزولا على دواعي
الخدمة
العامة ووفاء
بمتطلباتها،
فإن الوفاء
بهذا الأجر
يكون
بالضرورة
التزاما أحق
بالحماية
الدستورية
كلما كان
مقابلا لعمل
تم أداؤه في
إطار رابطة
عقدية أو في
نطاق علاقة
تنظيمية
ارتبط طرفاها
بها وتقرر أجر
العامل من
خلالها، وذلك
انطلاقا من
ضرورة
التمكين
للقيم الأصيلة
الخلقية
والاجتماعية التي
يلتزم
المجتمع بالتحلي
بها والعمل في
سبيلها على ما
تنص عليه
المادة 12 من
الدستور،
ونزولا على
حقيقة أن
الأجر وفرص
العمل وربطهما
معا بالإنتاجية
تمثل جميعها
ملامح أساسية
لخطة التنمية
الشاملة التي
تنظم اقتصاد
الدولة والتي
تتوخى زيادة
الدخل القومي
وضمان عدالة
توزيعه وفقا
لحكم المادة 23
من الدستور،
ثانيهما إن
الدستور إذ
عهد في المادة
123 منه إلى
المشرع تنظيم
قواعد منح المرتبات
والمعاشات
والتعويضات
والإعانات والمكافآت
التي تتقرر
على خزانة
الدولة
وحالات
الاستثناء منها،
والجهات التي
تتولى
تطبيقها، فإن
هذا التنظيم التشريعي
يكون مجانبا
أحكام
الدستور
منافيا
لمقاصده إذا
تعرض للحقوق التي
يتناولها بما
يؤدي إلى
إهدارها أو
إفراغها من
مضمونها، ذلك
أن الحق في
المعاش - إذا
توافر أصل
استحقاقه -
ينهض التزاما
على الجهة التي
تقرر عليها. وتدل
قوانين
التأمين الاجتماعي
المتعاقبة
على أن المعاش
الذي تتوافر
شروط اقتضائه
عند انتهاء
خدمة المؤمن
عليه ببلوغه
سن التقاعد
المنصوص عليه
بنظام التوظف
المعامل به
إنما يعتبر
التزاما
مترتبا بنص
القانون في
ذمة الجهة
المدينة. وإذا
كان الدستور
قد خطا خطوة
أبعد في اتجاه
دعم التأمين الاجتماعي
حين ناط
بالدولة في
المادة 17 منه،
تقرير معاش
يواجه به
المواطنون
بطالتهم أو عجزهم
عن العمل أو
شيخوختهم في
الحدود التي
يبينها
القانون،
فذلك لأن مظلة
التأمين الاجتماعي
- التي يحدد
المشرع
نطاقها - هي التي
تفرض بمداها
واقعا أفضل
يؤمن المواطن في
غده، وينهض
بموجبات
التضامن الاجتماعي
التي يقوم
عليها
المجتمع وفقا
لنص المادة 7
من الدستور. وحيث إن
الثابت من
الأوراق، إن
المدعين بعد
انتهاء
خدمتهم
بالقوات المسلحة
التي استحقوا
عنها معاش
التقاعد العسكري،
وفقا
للقوانين
المنظمة له،
قد عينوا
بإحدى
الجمعيات
التعاونية
الاستهلاكية
واستمروا
يجمعون بين
معاشاتهم هذه
ورواتبهم عن
عملهم في
الجمعية حتى
فبراير سنة 1965،
إلى أن تقرر
حرمانهم من
هذا المعاش،
فأقاموا
الدعوى
الموضوعية
لاقتضائه،
وإذ نظم
القانون رقم 57
لسنة 1970 بعض
أوضاع العاملين
في هذه
الجمعيات،
وكان مؤدى نص
المادة
الثالثة من
هذا القانون
أن يسري الحظر
الذي تقرر
بالقانون رقم
77 لسنة 1962 -
واعتبارا من
تاريخ نفاذه
- على
العاملين
بالجمعيات
التعاونية التي
تملكها
الدولة أو
تساهم فيها،
وكان هذا
الحظر ينطوي
على إهدار
حقهم في
المعاش
المقرر لهم
قبل عملهم
بتلك الجمعية،
وكان قيام
الحق في
معاشاتهم تلك
منفصلا عن
الحق في
رواتبهم التي
استحقوها بعد
التعيين فيها
مرده إن هذين
الحقين
يختلفان
مصدرا وسببا،
ذلك أنه بينما
يعتبر نص
القانون
مصدرا مباشرا
للحق في
معاشاتهم،
فإن رابطة
العمل
التعاقدية هي
المصدر
المباشر للحق في
مرتباتهم،
ومن جهة أخرى
يعتبر المعاش
مستحقا عن مدد
خدمتهم
السابقة
بالقوات المسلحة
وفقا للقواعد التي
قررها المشرع في
هذا الصدد،
وذلك خلافا
للحق في
رواتبهم إذ
يقوم مقابلا
لعمل قاموا
بأدائه للجمعية
المشار إليها
بعد إحالتهم
إلى التقاعد،
والعدوان التشريعي
على أحد هذين
الحقين لا
يعدو أن يكون
إنكارا لوجوده
وحرمانا لهم
من الحق في
اقتضائه جبرا
عند المنازعة
فيه بعد أن
أصبح دينا في
ذمة الجهة
الملتزمة
بأدائه. وليس
ذلك إلا
إهدارا للحق في
الملكية
الخاصة الذي
كفل الدستور
أصله، وأحاطه -
في المادة 34
منه -
بالحماية
اللازمة
لصونه، تلك
الحماية التي
جرى قضاء هذه
المحكمة على
انصرافها إلى
الحقوق
العينية
والشخصية على
السواء، وعلى
اتساعها بالتالي
للأموال بوجه
عام، وذلك
انطلاقا من أن
الملكية
الخاصة فضلا
عن كونها من
مصادر الثروة
القومية التي
يتعين
تنميتها
والحفاظ
عليها لتؤدي
وظيفتها
الاجتماعية في
خدمة
الاقتصاد القومي،
فإنها تعد
ثمرة مباشرة
لنشاط الفرد
ونتاجا لعمله في
الأغلب من
الأحوال،
وحافزه دوما
إلى التطور
والتقدم،
وبالبناء على
ما تقدم تكون
الرجعية التي
تضمنها النص
المطعون عليه
مناقضة في
محتواها الموضوعي
للمادة 34 من
الدستور،
ويتعين - من ثم -
الحكم بعدم
دستوريتها. وحيث إنه
لا محاجة
للقول بأن
الرجعية التي
أجازها
الدستور - في
غير المواد
الجنائية -
تفترض لزوما
أو على الأقل في
أغلب الأحوال
وأعمها
المساس
بالحقوق
المكتسبة،
ويندرج تحتها
الحق في
المعاش محل
النزاع
الراهن، ذلك
أن القيود التي
يفرضها
المشرع على
التمتع
بالحقوق التي
كفل الدستور
أصلها لا يجوز
أن يصل مداها
إلى حد
إهدارها كلية
أو تقليصها،
ولا تعدو
سلطته في
نطاقها مجرد
تنظيمها وفق
أسس موضوعية
لا تؤثر في
جوهرها، فإذا
جاوز المشرع
نطاق سلطته في
مجال تنظيم
الحقوق التي
أحاطها
الدستور
بالحماية،
وقع التشريع
الصادر عنه في
حومة
المخالفة
الدستورية
سواء عمل به
بأثر مباشر أو
بأثر رجعي. وحيث إن
المادة الثانية
من القانون
المطعون عليه
تقضي
بالتجاوز عن
استرداد ما
سبق صرفه من
معاشات بالمخالفة
لأحكامه، وإذ
كان ترخص
الدولة في
النزول من
جانبها عما
صرفته منها
لبعض العاملين
بالمنشآت والجمعيات
التعاونية التي
تملكها أو
تساهم فيها،
يفترض عدم
استحقاقهم
أصلا لها خلال
الفترة التي
امتد إليها
الأثر الرجعي
لنص المادة
الثالثة
المطعون
عليها، فإن
سقوط هذا
الأثر الرجعي في
محتواه الموضوعي
لعدم
دستوريته -
على ما سلف
بيانه -
يستلزم الحكم
بسقوط المادة
الثانية وذلك
لارتباطهما
معا ارتباطا
لا يقبل التجزئة
إذ لا يتصور
قيام المادة
الثانية
منفصلة عن
الأثر الرجعي
للحظر الذي
حال دون حصول
المدعين خلال
فترة عملهم
بالجمعية على
معاشاتهم
المستحقة قبل
التعيين فيها. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة
بعدم دستورية
المادة
الثالثة من القانون
رقم 57 لسنة 1970
وذلك فيما نصت
عليه "ويعمل به
من تاريخ
العمل
بالقانون رقم
77 لسنة 1962 المشار
إليه" وألزمت
الحكومة
المصروفات،
ومبلغ ثلاثين
جنيها مقابل
أتعاب
المحاماة. العودة للصفحة الرئيسية |