المحكمة
الدستورية
العليا
المصرية قضية
رقم 37 لسنة 11 قضائية
المحكمة
الدستورية
العليا "دستورية" مبادئ
الحكم: جنائي
- حق النقد - دعوى
دستورية - قرار
بقانون نص
الحكم المحكمة
الدستورية
العليا بالجلسة
العلنية
المنعقدة يوم
6 فبراير سنة 1993 م برئاسة السيد
المستشار
الدكتور/ عوض
محمد عوض
المر رئيس
المحكمة والسادة
المستشارين/
الدكتور محمد إبراهيم
أبو العينين
ومحمد ولي
الدين جلال
وفاروق عبد
الرحيم غنيم وسامي
فرج يوسف
والدكتور عبد
المجيد فياض
ومحمد علي سيف
الدين أعضاء وحضور السيد
المستشار/
محمد خيري طه
عبد المطلب رئيس
هيئة
المفوضين وحضور السيد/
رأفت محمد عبد
الواحد أمين السر أصدرت
الحكم الآتي في
القضية المقيدة
بجدول
المحكمة
الدستورية
العليا برقم 37
لسنة 11 قضائية
"دستورية". الإجراءات بتاريخ 8
أغسطس سنة 1989
أودع المدعي
صحيفة هذه
الدعوى قلم
كتاب المحكمة
طالبا الحكم
بقبول الطعن
شكلا، وفي الموضوع
بعدم دستورية
نص الفقرة
الثانية من المادة
123 من قانون
الإجراءات
الجنائية. وقدمت
هيئة قضايا
الدولة
مذكرة، طلبت
فيها الحكم
برفض الدعوى. وقدم
المدعى عليه
الرابع عدة
مذكرات
بدفاعه آخرها
بتاريخ 14
أكتوبر سنة 1992. وبعد تحضير
الدعوى،
أودعت هيئة
المفوضين
تقريرا
برأيها. ونظرت الدعوى
على الوجه
المبين بمحضر
الجلسة، وقررت
المحكمة
إصدار الحكم
فيها بجلسة
اليوم. المحكمة بعد
الاطلاع على
الأوراق،
والمداولة. حيث إن
الوقائع - على
ما يبين من
صحيفة الدعوى
وسائر
الأوراق -
تتحصل في أن
المدعى عليه
الرابع كان قد
أقام - بطريق
الادعاء
المباشر -
الدعوى رقم 508
لسنة 1988 جنح سيدي
جابر المقيدة
برقم 20 لسنة 1988
كلي الإسكندرية
- ضد المدعى
متهما إياه
بأنه أسند
إليه في مؤلفه
"..." وقائع
تتضمن قذفا في
حقه وتستوجب
عقابه
بالمواد 302، 303، 307
من قانون
العقوبات، وهي
وقائع نسبها
إليه
باعتبارها
متعلقة
بالفترة التي
كان يشغل فيها
منصب المدعي
العام الاشتراكي،
ويتعين بسبب
زيفها إلزامه
بأن يؤدى إليه
تعويضا
مقداره
خمسمائة ألف
جنيه لجبر
الأضرار
الناشئة عنها.
وإذ دفع المدعي
بالحقوق
المدنية -
إعمالا لنص
الفقرة
الثانية من
المادة 123 من قانون
الإجراءات
الجنائية -
بسقوط حق
المتهم في
التدليل على
صحة الوقائع التي
أسندها إليه،
وطعن المتهم
بعدم دستورية
هذه الفقرة
ذاتها، وقدرت
محكمة
الموضوع جدية
دفعه مصرحة له
برفع الدعوى
الدستورية، فقد
أقام الدعوى
الماثلة. وحيث إن
المادة 302 من
قانون
العقوبات تنص في
فقرتها
الأولى على أن
"يعد قاذفا كل
من أسند لغيره
بواسطة إحدى
الطرق
المبينة
بالمادة 171 من
هذا القانون
أمورا لو كانت
صادقة،
لأوجبت عقاب
من أسندت إليه
بالعقوبات
المقررة لذلك
قانونا، أو
أوجبت
احتقاره عند
أهل وطنه" كما
تنص فقرتها
الثانية على
أنه "ومع ذلك،
فالطعن في
أعمال موظف
عام أو شخص ذي
صفة نيابية
عامة أو مكلف
بخدمة عامة لا
يدخل تحت حكم
هذه المادة
إذا حصل
بسلامة نية، وكان
لا يتعدى
أعمال
الوظيفة أو
النيابة أو الخدمة
العامة بشرط
إثبات حقيقة
كل فعل أسند
إليه". أما
فقرتها
الثالثة
فنصها "ولا يقبل
من القاذف
إقامة الدليل
لإثبات ما قذف
به إلا في
الحالة
المبينة في
الفقرة
السابقة"،
وتوجب الفقرة
الثانية من المادة
123 من قانون
الإجراءات
الجنائية على
المتهم
بارتكاب
جريمة القذف
بطريق النشر في
إحدى الصحف أو
غيرها من
المطبوعات أن
يقدم للمحقق
عند أول استجواب
له، وعلى
الأكثر في
الخمسة
الأيام
التالية،
بيان الأدلة
على كل فعل
أسند إلى موظف
عام أو شخص ذي
صفة نيابية
عامة أو مكلف
بخدمة عامة
وإلا سقط حقه في
إقامة الدليل
المشار إليه في
الفقرة
الثانية من
المادة 302 من قانون
العقوبات،
فإذا كلف
المتهم
بالحضور أمام
المحكمة
مباشرة أو
بدون تحقيق سابق،
وجب أن يعلن
النيابة
والمدعي
بالحق المدني
ببيان الأدلة في
الخمسة أيام
التالية
لإعلان
التكليف
بالحضور،
وإلا سقط حقه
كذلك في تقديم
الدليل. وجاء في
المذكرة
الإيضاحية
لنص المادة 123 من
القرار
بقانون رقم 113
لسنة 1957 ما يلي:
من المفهوم أن
نص قانون
العقوبات على
عدم العقاب
على القذف في
حق الموظف
العام أو ذي
الصفة
النيابية
العامة أو
المكلف بخدمة
عامة معناه أن
المشرع قد
افترض في
القاذف
التأكد
بالدليل من
صحة ما يرمى
به وأن أدلته
جاهزة لديه
قبل النشر
وإلا كان
القذف مجازفة
يعتمد مرتكبها
على ما يتصيده
من أدلة. لذلك
يجب التدخل بإلزامه
بتقديم هذه
الأدلة دون
مطل أو تأخير
وحتى لا تبقى
أقدار الناس
معلقة مدة قد
تطول فيتأذون بهذا
التعليق أبلغ
الأذى، وإنه
وإن كانت المصلحة
العامة قد
أباحت الطعن
على الموظفين
وغيرهم من ذوي
الصفات العامة،
فإن هذه
المصلحة
بعينها تقضي
بحمايتهم من
المفتريات التي
توجه إليهم
نكالا بأشخاصهم
فتصيب الصالح
العام من
ورائهم بأفدح
الأضرار. فرؤي
لذلك إضافة
حكم جديد إلى
المادة 123 من
قانون الإجراءات
الجنائية
يوجب على
المتهم
بارتكاب جريمة
قذف بطريق
النشر في إحدى
الصحف أو
غيرها من
المطبوعات أن
يقدم عند أول
استجواب له
وعلى الأكثر في
الخمسة
الأيام
التالية بيان
الأدلة على
وقائع القذف
وإلا سقط حقه في
إثباتها بعد
ذلك، على أن
هذا الإيجاب
لا يتجاوز
مطالبته
بتقديم صور
الأوراق التي
يستند إليها
وأسماء
الشهود الذين
يعتمد على
شهادتهم وما
يستشهدهم
عليه. وغني عن
البيان أن
إيراد هذا
الحكم في المادة
123 بباب
التحقيق
بمعرفة قاضي
التحقيق،
ينصرف أيضا
بطريق اللزوم
إلى التحقيق
بمعرفة
النيابة
العامة
إعمالا
للمادة 199 التي
تسحب الأحكام
المقررة لقاضي
التحقيق على إجراءات
التحقيق
بمعرفة
النيابة
العامة فيما
لم يرد فيه نص
خاص بها. أما
حيث ترفع
الدعوى دون
استجواب
المتهم أو
يرفعها المدعي
بالحق المدني
مباشرة وفي الأحوال
التي يجوز
فيها ذلك،
فيكون على
المتهم إعلان
البيانات
المتقدمة في
مدة الخمسة
أيام التالية
لإعلان
التكليف بالحضور. وحيث إن
البين من
الأوراق أن
المضرور من
الوقائع التي
نسبها إليه
المدعي في أحد
مؤلفاته - والتي
اعتبرها قذفا
علنيا في حقه -
هو الذي أقام
الادعاء
المباشر وبه
ترفع الدعوى
الجنائية -
وكان من
المقرر
قانونا إن المصلحة
الشخصية
المباشرة - وهي
شرط لقبول
الدعوى
الدستورية-
مناطها أن
يكون ثمة
ارتباط بينها
وبين المصلحة
القائمة في
الدعوى
الموضوعية،
وذلك بأن يكون
الحكم الصادر في
المسألة
الدستورية
مؤثرا في
الطلبات
الموضوعية
المرتبطة بها
والمطروحة
أمام محكمة
الموضوع،
وكان انعقاد
الخصومة
الجنائية من
خلال الادعاء
المباشر
يتحقق بإعلان
صحيفة
التكليف
بالحضور إلى
المتهم بناء
على طلب
المدعى بالحق المدني،
وكان المدعى في
الدعوى
الماثلة قد
كلف بالحضور
أمام المحكمة
الجنائية
مباشرة وبدون
تحيق سابق،
فإن مصلحته
الشخصية
المباشر التي
يتحدد بها
نطاق الطعن في
الدعوى
الماثلة -
تنحصر فيما
تضمنته
الفقرة
الثانية من
المادة 123 من
قانون
الإجراءات
الجنائية من
إلزامه إعلان
النيابة
والمدعى
بالحق المدني
ببيان الأدلة
على صحة كل
واقعة أسندها
علانية إلى
المدعي بالحق المدني،
وذلك خلال
الميعاد
المحدد فيها،
وهو خمسة
الأيام
التالية
لإعلان التكليف
بالحضور،
وإلا سقط حقه في
إقامة الدليل. وحيث إن
المدعي ينعى
على الفقرة
الثانية من
المادة 123 من
قانون
الإجراءات
الجنائية
مخالفتها
للدستور بمقولة
أن القرار
بقانون رقم 113
لسنة 1957 أدخلها
كتعديل على
هذا القانون
وأنه لا يجوز
تنظيم
الحريات
العامة أو
تقييدها إلا بقانون. وحيث إن
هذا النعي
مردود بأن
القرارات
بقوانين التي
تصدر عن رئيس
الجمهورية
إعمالا
لسلطاته الدستورية
المنصوص
عليها في
المادتين 108، 147
من الدستور،
لها بصريح
نصها قوة القانون،
ومن ثم فإنها
تتناول
بالتنظيم كل
ما يتناوله
القانون بما في
ذلك المسائل التي
نص الدستور
على أن يكون
تنظيمها
بقانون أو وفقا
لأحكام
القانون. فإذا
تضمن القرار
بقانون قيدا
على حق أو
حرية عامة
يعطل
الانتفاع بها
أو يضيق من
نطاقها، وقع
هذا القرار في
حومة
المخالفة
الدستورية
لخروجه على
الحدود التي
رسمها
الدستور في
مجال تنظيمها. وحيث إن
المدعي ينعى
على النص التشريعي
المطعون عليه
إهداره أصل
البراءة الذي
كلفته المادة
67 من الدستور،
وذلك بإلزامه
المتهم
بارتكاب
الجريمة
المنصوص
عليها في
الفقرة
الثانية من
المادة 302 من
قانون العقوبات
إثبات صحة
الوقائع
المعتبرة
قذفا في حق
القائم
بالعمل العام
خلال ميعاد
قصير للغاية،
وهو ما يعتبر
نفيا للجريمة التي
كان يتعين على
النيابة
العامة
إثباتها في كل
ركن من أركانها
باعتبار أن أصل
البراءة يمتد
إلى كل فرد
سواء كان
مشتبها فيه أو
متهما، وهو ما
أكدته الفقرة
الثانية من
المادة 275 من
قانون الإجراءات
الجنائية
بإيجابها أن
يكون المتهم - في
كل الأحوال -
آخر من يتكلم. وحيث إن هذا النعي
مردود بأن ما
يعد قذفا وفقا
للقانون إنما
يندرج تحت
الجرائم التي
تخل باعتبار
الشخص وقدره. وقد دل
المشرع
بالنصوص التي
حدد بها أركان
هذه الجريمة
على أن قوامها
إسناد واقعة
محددة قصدا
وعلانية إلى
شخص معين إذا
كان من شأن
هذه الواقعة -
لو قام الدليل
على صحتها -
عقابه أو
احتقاره. والأصل في
هذه الجريمة
أن مرتكبها -
وكلما توافرت أركانها
- مؤاخذ
بالعقوبة
المقررة لها
ولو كان يعتقد
صحة الواقعة التي
نسبها إلى
غيره، أو كان
لهذه الواقعة
معينها من
الأوراق وسواء
كان تقديره
لثبوتها
مشوها أو
مندفعا أو متزنا،
حملته على
إسنادها
ضغائن شخصية
أم كان مستلهما
في ذلك قوة
الحقيقة
ونقاء الضمير.
ومن ثم لا
اعتداد في
قيام هذه
الجريمة بصحة
الواقعة أو
بهتانها، استوائها
على الحق أم
ولوغها في
الباطل،
اقتران
إسنادها بنية
الأضرار أم
تجرده من سوء
القصد. وإذ
كان ما تقدم
هو الأصل في
كل واقعة تعد
قذفا وفقا
للقانون، إلا
أن المشرع
أباح الإسناد العلني
لما يعد قذفا،
وذلك في أحوال
بذاتها هي تلك
التي يقتضيها
الطعن في
أعمال
الموظفين
العموميين أو
المكلفين
بالخدمة
العامة أو ذوي
الصفة
النيابية
العامة
باعتبار أن
هذه الأعمال
من الشئون
العامة التي
لا يجوز أن
يكون
الاهتمام
بالاستقامة في
أدائها
والالتزام
بضوابطها ومتطلبتها
وفقا للقانون
مقصورا على
فئة من
المواطنين
دون أخرى، بما
مؤداه أن يكون
انتقاد
جوانبها
السلبية وتعرية
نواحي
التقصير فيها
وبيان أوجه
مخالفة
القانون في
مجال
ممارستها،
حقا لكل مواطن
وفاء بالمصلحة
العامة التي
يقتضيها
النهوض
بالمرافق
العامة وأداء
المسئولية
العامة على الوجه
الأكمل، ولأن
الوظيفة
العامة وما يتصل
بها من الشئون
العامة لا
تعدو أن تكون
تكليفا
للقائمين
عليها.
والتزامهم الأصلي
في شأنها مقصور
على النهوض
بتبعاتها بما
لا مخالفة فيه
للقانون. فإذا
كان انتقاد
القائم من
هؤلاء بالعمل العام
منطويا على
إسناد واقعة
أو وقائع
بذاتها
علانية إليه
من شأنها - لو
صحت - عقابه أو
احتقاره،
وكان هذا
الإسناد بحسن
نية، واقعا في
مجال الوظيفة
العامة أو
النيابة أو
الخدمة العامة
ملتزما
إطارها،
وأقام من
قذفها في حقه
الدليل على
حقيقتها،
اعتبر ذلك
قذفا مباحا
قانونا عملا
بنص الفقرة
الثانية من
المادة 302 من
قانون
العقوبات. متى
كان ذلك وكانت
الإباحة -
بالشروط
المتقدمة -
مستندة إلى نص
القانون، فإن
الفقرة
الثانية من
المادة 302
المشار
إليها، تعتبر
مصدرا مباشرا
لها، وهي في
كل حال لا تعدو
أن تكون
تطبيقا
لقاعدة عامة في
مجال استعمال
الحق، إذ
يعتبر هذا
الاستعمال دوما
سببا للإباحة
كلما كان
الغرض منه
تحقيق المصلحة
الاجتماعية التي
شرع الحق من
أجلها. متى كان
ما تقدم، وكان
المشرع -
بالإباحة التي
قدرها في مجال
انتقاد
القائمين
بالعمل العام
تبيانا
لحقيقة الأمر في
شأن الكيفية التي
يصرفون بها
الشئون
العامة - قد
وازن بين
مصلحة هؤلاء في
طمس
انحرافاتهم
وإخفاء
أدلتها توقيا
لخدش شرفهم أو
التعريض
بسمعتهم من
ناحية، وبين
مصلحة أولى
بالرعاية
وأحق
بالحماية هي
تلك النابعة
من ضرورة أن
يكون العمل
العام واقعا في
إطار القانون
وبمراعاة
حدوده، وكان
المشرع - على
ضوء مقتضيات
هذه الموازنة
وفي حدود
ضوابطها - قد
حسر عن القائم
بالعمل العام
الرعاية التي
يتطلبها صون
اعتباره كلما
كان الإسناد العلني
- المتضمن
قذفا في حقه -
واقعا في حدود
النقد المباح الذي
بين قانون
العقوبات
شروطه في
الفقرة
الثانية من
المادة 302 منه،
وكان من المقرر
أن توافر
الشروط التي
يتطلبها
القانون في
النقد المباح
إنما يزيل عن
الفعل صفته
الإجرامية،
ويرده إلى
دائرة
المشروعية
بعد أن كان خارجا
عن محيطها
لخضوعه ابتداء
لنص
بالتجريم،
وكان البين من
الدعوى
الموضوعية أن
المدعي - في
الدعوى
الماثلة - قد
ركن في مجال
إثباته
انتفاء الركن الشرعي
للجريمة، إلى
أن ما تضمنه
المطبوع
الصادر منه من
وقائع نسبها
إلى أحد
القائمين
بالعمل العام -
والمدعى
بأنها تعتبر
قذفا في حقه -
لا يعدو أن
يكون
استعمالا من
جانبه للحق في
النقد
المباح، وهو
حق كفل المشرع
أصله محددا شرائطه
ومقررا
بموجبه شرعية
استثنائية
لفعل أضحى بها
مباحا بعد أن
كان معاقبا عليه
قانونا، فقد
تعين على
المدعي - إذ
يتذرع
باستعمال حق
مقرر قانونا -
أن يقيم
الدليل على
ثبوته وإنه توخى
- في مجال
مباشرته -
المصلحة
الاجتماعية التي
قصد المشرع
إلى بلوغها من
وراء تقريره،
فإن هو أخفق في
برهانه، دل
ذلك على أن
الشروط التي
لا يقوم الحق في
النقد المباح
إلا
باكتمالها،
مختلفة بتمامها
أو في بعض
جوانبها،
ليرتد الفعل بالتالي
إلى صورته
الأصلية وهي الجريمة
التي لا تجوز
إدانته
بارتكابها
إلا بعد قيام
النيابة
العامة
بإثباتها في
كل ركن من
أركانها،
وبالنسبة إلى
كل واقعة ضرورية
لقيامها، بما في
ذلك القصد الجنائي
الذي تطلبه
المشرع فيها،
ولا مخالفة في
ذلك كله لافتراض
البراءة الذي
كفله الدستور في
المادة 67 منه
ليعكس
بمقتضاه
قاعدة مبدئية
تعتبر في
ذاتها
مستعصية على
الجدل،
وتقتضيها
الشرعية
الإجرائية. وحيث إن
المدعي ينعى
كذلك على النص
التشريعي
المطعون عليه
إلزامه
المتهم بأن
يقدم خلال أجل
قصير للغاية
بيانا
بالأدلة على
صحة الوقائع التي
نسبها إلى
القائم بالعمل
العام، وإلا
سقط حقه في
إبداء دفاعه
وإثبات صحة
نقده، وهو ما يؤول
قطعا إلى
إدانته، ويخل بالتالي
بضمانتين
كفلهما
الدستور
لسلامة العمل الوطني
هما حق كل
مواطن في
النقد الذاتي
والنقد
البناء على ما
تقضي به
المادة 47 منه،
وكذلك بما
قررته هذه
المادة ذاتها
من كفالة حق
كل إنسان في
التعبير عن
رأيه ونشره
بالقول أو
الكتابة أو التصوير
أو غير ذلك من
وسائل
التعبير، وينطوي
من ناحية أخرى
على إهدار لنص
المادة 49 من
الدستور التي
تكفل
للمواطنين
حرية البحث العلمي
والإبداع الأدبي
والفني والثقافي،
ويندرج تحتها
علم التاريخ
والعلوم
السياسية،
وهو في كل حال
يعطل حق
الدفاع
المنصوص عليه في
المادة 69 من
الدستور،
ويناقض مبدأي
تكافؤ الفرص
والمساواة
أمام القانون
المقررين
بالمادتين 8، 40
منه، وذلك
بإلزامه من
ينشر مطبوعا
وتقام الدعوى
الجنائية ضده -
دون غيره من
المتهمين -
بأن يطرح
أدلته
المؤيدة لصحة
الوقائع التي
نسبها إلى
القائم
بالعمل العام
خلال ميعاد لا
تنفسح فيه
إمكانية
تقديمها،
وإلا سقط حقه في
إقامة الدليل
بصفة نهائية.
وتتعارض
الفقرة
المطعون
عليها كذلك
وروح الدستور
وأهدافه ذلك
أن القيود التي
فرضتها على
الحق في تقديم
الدليل،
غايتها إسباغ
الحماية
الباطلة على
رجال الحكم
ووأد الآراء
المعارضة لهم في
مهدها، ومحو
كل تأثير لها
حتى لا يجرؤ
أحد على
مواجهتهم.
وبالإضافة
إلى ما تقدم،
فإن الإطار الذي
كفله الدستور
لكل محاكمة
جنائية - وعلى
ما تنص عليه
المادة 67 منه -
هو أن تكون
منصفة، وأن
تتقرر
الإدانة
خلالها - إن
كان لها وجه -
على ضوء
العقيدة التي
يطمئن إليها القاضي.
ولا كذلك النص
التشريعي
المطعون فيه،
إذ هو يكرس
الفاشية،
ويخل فوق هذا
بمبادئ
الشريعة
الإسلامية التي
تكفل حرية الرأي
وتؤكد حق
الرعية في
محاسبة
ولاتها، ومن
تنعقد لهم
ناصية الأمر
فيها دون وجل
من سطوتهم،
ويتعارض بالتالي
ونص المادة 2
من الدستور. وحيث إن
هذا النعي
سديد في
جوهره، ذلك أن
الدستور حرص
على أن يفرض
على السلطتين
التشريعية
والتنفيذية
من القيود ما
ارتآه كفيلا
بصون الحقوق
والحريات
العامة على
اختلافها كي
لا تقتحم
إحداها
المنطقة التي
يحميها الحق
أو الحرية أو
تتداخل معها
بما يحول دون
ممارستها
بطريقة
فعالة، ولقد
كان تطوير هذه
الحقوق
والحريات
وإنمائها من
خلال الجهود
المتواصلة
الساعية
لإرساء
مفاهيمها الدولية
بين الأمم
المتحضرة،
مطلبا أساسيا
توكيدا
لقيمتها الاجتماعية،
وتقديرا
لدورها في
مجال إشباع
المصالح
الحيوية
المرتبطة
بها، ولردع كل
محاولة
للعدوان
عليها. وفي هذا
الإطار تزايد
الاهتمام
بالشئون
العامة في
مجالاتها
المختلفة،
وغدا عرض
الآراء المتصلة
بأوضاعها،
وانتقاد
أعمال
القائمين
عليها مشمولا
بالحماية
الدستورية تغليبا
لحقيقة أن
الشئون
العامة،
وقواعد تنظيمها
وطريقة
إدارتها،
ووسائل
النهوض بها،
وثيقة الصلة
بالمصالح
المباشرة
للجماعة، وهي تؤثر
بالضرورة في
تقدمها، وقد
تنتكس
بأهدافها
القومية
متراجعة
بطموحاتها
إلى الوراء. وتعين بالتالي
أن يكون
انتقاد العمل
العام من خلال
الصحافة أو
غيرها من
وسائل
التعبير
وأدواته حقا
مكفولا لكل
مواطن، وأن
يتم التمكين
لحرية عرض
الآراء
وتداولها بما
يحول - كأصل
عام - دون
إعاقتها أو
فرض قيود
مسبقة على
نشرها. وهي حرية
يقتضيها
النظام الديمقراطي،
وليس مقصودا
بها مجرد أن
يعبر الناقد
عن ذاته، ولكن
غايتها
النهائية
الوصول إلى
الحقيقة من
خلال ضمان
تدفق
المعلومات من
مصادرها
المتنوعة، وعبر
الحدود
المختلفة،
وعرضها في
آفاق مفتوحة
تتوافق فيها
الآراء في بعض
جوانبها أو
تتصادم في
جوهرها ليظهر
ضوء الحقيقة
جليا من خلال
مقابلتها
ببعض، وقوفا
على ما يكون
منها زائفا أو
صائبا،
منطويا على
مخاطر واضحة
أو محققا لمصلحة
مبتغاه، ومن
غير المحتمل
أن يكون
انتفاد
الأوضاع المتصلة
بالعمل العام
تبصيرا بنواحي
التقصير فيه،
مؤديا إلى
الإضرار بأية
مصلحة مشروعة.
وليس جائزا بالتالي
أن يكون
القانون أداة
تعوق حرية
التعبير عن مظاهر
الإخلال
بأمانة
الوظيفة أو
النيابة أو الخدمة
العامة أو
مواطن الخلل في
أداء
واجباتها،
ذلك أن ما يميز
الوثيقة
الدستورية
ويحدد
ملامحها الرئيسية
هو أن الحكومة
خاضعة
لمواطنيها،
ولا يفرضها
إلا الناخبون.
وكلما نكل القائمون
بالعمل العام -
تخاذلا أو
انحرافا - عن
حقيقة
واجباتهم
مهدرين الثقة
العامة المودعة
فيهم، كان
تقويم
اعوجاجهم حقا
وواجبا
مرتبطا ارتباطا
عميقا
بالمباشرة
الفعالة
للحقوق التي
ترتكز في
أساسها على
المفهوم الديمقراطي
لنظام الحكم،
ويندرج تحتها
محاسبة
الحكومة ومساءلتها
وإلزامها
مراعاة
الحدود
والخضوع
للضوابط التي
فرضها
الدستور
عليها. ولا يعدو
إجراء الحوار
المفتوح حول
المسائل العامة،
أن يكون ضمانا
لتبادل
الآراء على
اختلافها كي
ينقل
المواطنون
علانية تلك
الأفكار التي
تجول في
عقولهم - ولو
كانت السلطة
العامة
تعارضها -
إحداثا من
جانبهم -
وبالوسائل
السلمية -
لتغيير قد
يكون مطلوبا.
ولئن صح القول
بأن النتائج
الصائبة هي
حصيلة
الموازنة بين
آراء متعددة
جرى التعبير
عنها في حرية
كاملة، وإنها في
كل حال لا
تمثل انتفاء
من السلطة
العامة لحلول
بذاتها تستقل
بتقديرها
وتفرضها
عنوة، فإن من
الصحيح كذلك
أن الطبيعة
الزاجرة
للعقوبة التي
توقعها
الدولة على من
يخلون
بنظامها، لا تقدم
ضمانا كافيا
لصونه، وإن من
الخطر فرض
قيود ترهق
حرية التعبير
بما يصد
المواطنين من
ممارستها،
وأن الطريق
إلى السلامة
القومية إنما
يكمن في ضمان
الفرص
المتكافئة
للحوار المفتوح
لمواجهة
أشكال من
المعاناة -
متباينة في
أبعادها -
وتقرير ما
يناسبها من
الحلول
النابعة من
الإرادة
العامة. ومن
ثم كان
منطقيا، بل
وأمرا محتوما
أن ينحاز
الدستور إلى
حرية النقاش
والحوار في كل
أمر يتصل
بالشئون
العامة، ولو
تضمن انتقادا
حادا
للقائمين
بالعمل العام،
إذ لا يجوز
لأحد أن يفرض
على غيره صمتا
ولو كان معززا
بالقانون،
ولأن حوار
القوة إهدار
لسلطان
العقل،
ولحرية
الإبداع
والأمل والخيال،
وهو في كل حال
يولد رهبة
تحول بين
المواطن
والتعبير عن
آرائه، بما
يعزز الرغبة في
قمعها، ويكرس
عدوان السلطة
العامة
المناوئة لها،
مما يهدد في
النهاية أمن
الوطن
واستقراره. وحيث إنه على
ضوء ما تقدم،
فإن انتقاد
القائمين
بالعمل العام -
وإن كان مريرا
- يظل متمتعا
بالحماية التي
كفلها
الدستور
لحرية
التعبير عن
الآراء بما لا
يخل بالمضمون
الحق لهذه
الحرية، أو
يجاوز الأغراض
المقصودة من
إرسائها. وليس
جائزا بالتالي
أن تفترض في
كل واقعة جرى
إسنادها إلى
أحد القائمين
بالعمل العام،
أنها واقعة
زائفة أو أن
سوء القصد قد
خالطها. كذلك
فإن الآراء التي
تم نشرها في
حق أحد ممن
يباشرون
جانبا من
اختصاص
الدولة، لا
يجوز تقييمها
منفصلة عما
توجبه
المصلحة العامة
في أعلى
درجاتها من
عرض انحرافهم،
وأن يكون
المواطنون
على بينة من
دخائلها. ويتعين
دوما أن تتاح
لكل مواطن
فرصة
مناقشتها واستظهار
وجه الحق
فيها. وإذ كان
الدستور
القائم قد نص في
المادة 47 منه
على أن حرية الرأي
مكفولة، وأن
لكل إنسان حق
التعبير عن
رأيه ونشره
بالقول أو
الكتابة أو
التصوير أو
غير ذلك من
وسائل
التعبير في
حدود
القانون،
وكان الدستور
قد كفل بهذا
النص حرية
التعبير عن الرأي
بمدلول جاء
عاما ليشمل حرية
التعبير عن
الآراء في
مجالاتها
المختلفة
السياسية
والاقتصادية والاجتماعية،
إلا أن
الدستور - مع
ذلك - عنى
بإبراز الحق في
النقد الذاتي
والنقد
البناء
باعتبارهما
ضمانان
لسلامة البناء
الوطني،
مستهدفا بذلك
توكيد أن
النقد - وإن
كان فرعا من
حرية التعبير-
وهي الحرية
الأصل التي
يرتد النقد
إليها ويندرج
تحتها، إلا أن
أكثر ما يميز
حرية النقد -
إذا كان بناء -
إنه في تقدير واضعي
الدستور
ضرورة لازمة
لا يقوم
بدونها العمل الوطني
سويا على
قدميه، وما
ذلك إلا لأن
الحق في النقد
- وخاصة في
جوانبه
السياسية -
يعتبر إسهاما
مباشرا في صون
نظام الرقابة
المتبادلة
بين السلطتين
التشريعية
والتنفيذية،
وضرورة لازمة
للسلوك
المنضبط في
الدول
الديمقراطية،
وعائقا دون
الإخلال بحرية
المواطن في أن
يعلم، وأن
يكون في ظل
التنظيم
البالغ
التعقيد
للعمل الحكومي
قادرا على
النفاذ إلى
الحقائق
الكاملة المتعلقة
بكيفية
تصريفه، على
أن يكون
مفهوما أن الطبيعة
البناءة
للنقد - التي
حرص الدستور
على توكيدها -
لا يراد بها
أن ترصد
السلطة
التنفيذية
الآراء التي
تعارضها
لتحديد ما
يكون منها في
تقديرها
موضوعيا، إذ
لو صح ذلك
لكان بيد هذه السلطة
أن تصادر الحق
في الحوار
العام، وهو حق
يتعين أن يكون
مكفولا لكل
مواطن وعلى قدم
من المساواة
الكاملة. وما رمى
إليه الدستور في
هذا المجال هو
ألا يكون
النقد منطويا
على آراء
تنعدم قيمها
الاجتماعية
كتلك التي
تكون غايتها
الوحيدة شفاء
الأحقاد
والضغائن
الشخصية أو التي
تكون منطوية
على الفحش أو
محض التعريض
بالسمعة. كما
لا تمتد
الحماية
الدستورية
إلى آراء تكون
لها بعض
القيمة
الاجتماعية،
ولكن جرى
التعبير عنها
على نحو يصادر
حرية النقاش
أو الحوار
كتلك التي
تتضمن الحض
على أعمال غير
مشروعة
تلابسها مخاطر
واضحة تتعرض
لها مصلحة
حيوية. إذ كان
ذلك فإن
الطبيعية
البناءة
للنقد لا تفيد
لزوما رصد كل
عبارة احتواها
مطبوع،
وتقييمها -
منفصلة عن
سياقها -
بمقاييس
صارمة، ذلك أن
ما قد يراه
إنسان صوابا في
جزئية بذاتها،
قد يكون هو
الخطأ بعينه
عند آخرين،
ولا شبهة في
أن المدافعين
عن آرائهم
ومعتقداتهم
كثيرا ما
يلجأوون إلى
المغالاة،
وأنه إذا أريد
لحرية
التعبير أن
تتنفس في
المجال الذي
لا يمكن أن
تحيا بدونه،
فإن قدرا من
التجاوز يتعين
التسامح فيه. ولا يسوغ
بحال أن يكون
الشطط في بعض
الآراء
مستوجبا
إعاقة
تداولها.
وتقتضى الحماية
الدستورية
لحرية
التعبير، بل
وغايتها
النهائية في
مجال انتقاد
القائمين
بالعمل
العام، أن
يكون نفاذ الكافة
إلى الحقائق
المتصلة
بالشئون
العامة، وإلى
المعلومات
الضرورية
الكاشفة عنها
متاحا، وألا
يحال بينهم
وبينها اتقاء
لشبهة التعريض
بالسمعة، ذلك
أن ما نضفيه
إلى دائرة
التعريض
بالسمعة - في
غير مجالاتها
الحقيقة -
لتزول عنه
الحماية
الدستورية،
لا بد أن
يقتطع من
دائرة الحوار
المفتوح
المكفول بهذه
الحماية، مما
يخل في
النهاية
بالحق في تدفق
المعلومات،
وانتقاد
الشخصيات
العامة بمراجعة
سلوكها
وتقييمه، وهو
حق متفرع من
الرقابة
الشعبية
النابعة من
يقظة
المواطنين المعنيين
بالشئون
العامة
الحريصين على
متابعة
جوانبها
السلبية وتقرير
موقفهم منها.
ومؤدى إنكاره
أن حرية النقد
لن يزاولها أو
يلتمس طرقها إلا
أكثر
الناس
اندفاعا أو
أقواهم عزما.
وليس أدعى إلى
إعاقة الحوار
الحر المفتوح
من أن يفرض
قانون جنائي
قيودا باهظة
على الأدلة
النافية
لتهمة التعريض
بالسمعة - في
أقوال تضمنها
مطبوع - إلى حد
يصل إلى إهدار
الحق في
تقديمها، وهو
ما سلكه النص التشريعي
المطعون فيه،
ذلك أن الأصل
وفقا لنص
الفقرة الثانية
من المادة 302 من
قانون
العقوبات، هو
أن انتقاد
القائم
بالعمل العام
أو من كان
مضطلعا
بأعبائه،
يعتبر أمرا
مباحا بشروط
من بينها
إثبات الناقد
لحقيقة كل فعل
أسنده إليه.
وقد نظم قانون
الإجراءات
الجنائية في
الفقرة
الثانية من
المادة 123 منه،
الكيفية التي
يتم بها هذا
الإثبات،
وذلك بإلزامه
المتهم -
المكلف
بالحضور إلى
المحكمة
مباشرة وبدون
تحقيق سابق -
بأن يقدم خلال
خمسة الأيام
التالية
لإعلان
تكليفه
بالحضور، بيانا
بالأدلة على
صحة كل فعل
أسنده إلى
القائم بالعمل
العام، وإلا
سقط حقه في
تقديم الدليل.
وإسقاط
الحق في تقديم
الدليل على
هذا النحو لا بد
أن يعقد ألسنة
المعنيين
بالعمل العام
خوفا، إذا هم
أخفقوا في
بيانه خلال
ذلك الميعاد الذي
ضربه المشرع،
وهو ميعاد
بالغ القصر.
وعبئا على هذا
النحو من
الثقل لا بد
أن يكون مثبطا
لعزائم هؤلاء
الحريصين على إظهار
نواحي القصور في
الأداء
العام، لأنهم
يستحرجون من
إعلان انتقاداتهم
هذه، ولو
كانوا
يعتقدون
بصحتها، بل
ولو كانت صحيحة
في واقعها،
وذلك خوفا من
سقوط الحق في
تقديم الدليل
عليها. يؤيد
ذلك أن السقوط
المقرر بالنص التشريعي
المطعون فيه
هو مما لا
تترخص محكمة
الموضوع في
تقديره، بل
يعتبر مترتبا
بحكم القانون
تبعا لقيام
موجبه، بما
مؤداه أنه إذا
ما حكم بهذا السقوط،
عومل الناقد
باعتباره قاذفا
في القائم بأعباء
الوظيفة أو
النيابة أو
الخدمة
العامة ولو كان
نقده واقعا في
إطارها،
متوخيا
المصلحة
العامة،
كاشفا عن
الحقيقة
دائما، مؤكدا
لها في كل
جوانبها
وجزئياتها،
مقرونا بحسن
النية، مجردا
من غرض
التجريح أو
التهوين من
مركز القائم
بالعمل العام.
وهو ما ينحدر
بالحق في
النقد العام
إلى منزلة
الحقوق المحدودة
الأهمية،
ويخل بتعدد
الآراء التي
يتعين أن
يشتمل عليها
امتياز
الحوار
العام، كما
ينال من ضمانة
الدفاع التي
لا تقتصر
قيمتها
العملية على
مرحلة
المحاكمة، بل
تمتد مظلتها
كذلك وما يتصل
بها من أوجه
الحماية إلى المرحلة
السابقة
عليها، وهي بعد
ضمانة كفلها
الدستور من
خلال إلزامه
الدولة بأن
تعمل على
تقرير
الوسائل
الملائمة التي
تعين بها
المعوزين على
صون حقوقهم
وحرياتهم، وهي
أكثر ما تكون
لزوما في
مواجهة
القيود التي
تقوض الحرية
الشخصية أو
تحد منها،
كذلك كلما
ترتب على فواتها
سقوط الحق في
تقديم الدليل
عند الفصل في
اتهام جنائي
بما يصادم
المفهوم
الصحيح
لإدارة
العدالة الجنائية
إدارة فعالة،
ويناقض بالتالي
القواعد
المبدئية التي
لا تقوم
المحاكمة
المنصفة
بدونها والتي
تعكس في
جوهرها نظاما
متكامل
الملامح
يتوخى صون الحق
في الحياة،
والحرية،
والشخصية
المتكاملة،
ومن ثم يكون
النص المطعون
فيه مخالفا
لأحكام المواد
41، 47، 67، 69 من
الدستور. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية من إلزام المتهم - المكلف بالحضور إلى المحكمة مباشرة وبدون تحقيق سابق - بأن يقدم خلال خمسة الأيام التالية لإعلان تكليفه بالحضور بيان الأدلة على صحة كل فعل أسنده إلى موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وإلا سقط حقه في إقامة الدليل المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات، مع إلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب للمحاماة. العودة للصفحة الرئيسية |