المحكمة الدستورية العليا المصرية

 

قضية رقم 98 لسنة 20 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

مبادئ الحكم: دستور - سلطة المشرع

نص الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الموافق 15 ديسمبر سنة 2002 م، الموافق 11 شوال سنة 1423 هـ

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب

رئيس المحكمة

والسادة المستشارين/ ماهر البحيري و محمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي

أعضاء

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عادل عمر شريف

رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن

أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 98 لسنة 20 قضائية "دستورية".

المقامة من

السيد/ ...

ضد

السيد رئيس مجلس الوزراء

السيد نقيب الصحفيين

السيد رئيس محكمة جنوب القاهرة بصفته رئيس اللجنة المشرف على انتخابات النقابات المهنية

الإجراءات

بتاريخ الثاني من مايو سنة 1998 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالبا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 62 من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين فيما تضمنته من رفع الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية وفي تشكيل مجلس النقابة أمام محكمة النقض الدائرة الجنائية من خمس الأعضاء الذين حضروا اجتماعها.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.

ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعي كان قد أقام بصفته عضوا بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين الطعن رقم 3 لسنة 67 قضائية أمام محكمة النقض، طالبا الحكم بإلغاء عملية انتخاب السيد/ ... نقيبا للصحفيين والتي أجريت بتاريخ 22/6/1997 لبطلانها بطلانا مطلقا. وأودعت النيابة مذكرة خلصت فيها إلى عدم قبول الطعن استنادا إلى حكم الفقرة الثانية من المادة 62 من القانون رقم 76 لسنة 1970 المشار إليه، فقد دفع الحاضر عن المدعي بعدم دستورية نص تلك الفقرة. قدرت المحكمة جدية الطعن وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فأقام الدعوى الماثلة.

وحيث إن النص في الفقرة الثانية على أنه: "ولخمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية حق الطعن في صحة انعقادها، وفي تشكيل مجلس النقابة".

وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون عليه مخالفته حق التقاضي الذي كفله الدستور للناس كافة بالمادة 68، حيث وضع قيدا خطيرا على حق عضو النقابة في الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة أو تشكيل مجلس نقابتها وهو اشتراط أن يكون الطعن من خمس الأعضاء.

وحيث إنه لما كان الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية طالما بقيت حركتها محدودة بنطاق الضوابط الدستورية وجوهرها هو التفرقة بين تنظيم الحق وبين المساس به على نحو يهدره كليا أو جزئيا، وكان الحق في التقاضي من الحقوق الدستورية التي يجوز للمشرع أن يتدخل وفي دائرة سلطته التقديرية بتنظيمها على نحو يكفل بلوغ الغاية منه، وهو تحقيق العدالة ورد الحقوق إلى أصحابها دون أن يتجاوز هذا التنظيم حدود غايته، فينقلب إلى قيد يعيب الحق الدستوري في اصل مضمونه أو جوهر وجوده. إذ كان ذلك، وكان حق التقاضي هو حق مقرر للشخص الطبيعي وللشخص الاعتباري على السواء، فهما لا يختلفان البته في تمتعهما بذات الحق الدستوري، ولكنهما قد يختلفان في التنظيم القانوني لمباشرة هذا الحق، اختلافا مرده وحدة إرادة الشخص الطبيعي وتعدد الإرادات التي يتكون منها الشخص الاعتباري وهو ما يجعل الأمر في شأن التنظيم القانوني الذي ينظم مباشرة الشخص الطبيعي لحقه في التقاضي محكوما بأن يكون قوامه هو التعويل على إرادة هذا الشخص وحده وألا يعلق حقه في التقاضي على تداخل إرادات أخرى مع إرادته الفردية. بما يجعل هذا التداخل إهدارا لإرادته الفردية، ومن ثم تقويضا لحقه في التقاضي.

وحيث إن النص الطعين وهو من النصوص المنظمة لمباشرة الحق في التقاضي في حالة بعينها إنما يتوجه في خطابه إلى عضو النقابة كشخص طبيعي انضم إليها استجابة لاختياره الفردي وصار بعضويته العاملة فيها عضوا بجمعيتها العمومية فلم يجز له مباشرة حقه في التقاضي إلا إذا شاركه في الموافقة على الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو في تشكيل مجلس النقابة خمس عدد الأعضاء الذين حضروا الجمعية العمومية، بما مؤداه تعليق إرادة الشخص الطبيعي في مباشرة حقه في التقاضي على موافقة إرادات أخرى، وهو ما يترتب عليه إهدار إرادة هذا الشخص إذا تجلت منفردة، وهو إهدار لازمه تقويض حقها في التقاضي كما كفله الدستور وهي نتيجة تصم النص الطعين بعدم الدستورية لمخالفته للمواد 40 و65 و68 و69 و165 من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 62 من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين فيما تضمنته من اشتراط أن يرفع الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو في تشكيل مجلس النقابة من خمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

 

العودة للصفحة الرئيسية