جيمس مادسون James Madison 22 يناير، 1788 إلى أهالي ولاية نيويورك: وقوام الفئة الثانية من الصلاحيات المخولة للحكومة العامة (حكومة الاتحاد) هي تلك التي تنظم الاتصال مع الأمم الأخرى مثل: عقد المعاهدات، وتقبّل وبعث السفراء، والموظفين العامين الآخرين، والقناصل؛ وتحديد ومعاقبة مقترفي القرصنة والجنايات التي تتم في أعالي البحار؛ والتجاوزات على القانون الدولي؛ وتنظيم التجارة الخارجية، بما في ذلك صلاحية تحريم تجارة الرقيق بعد سنة 1808 وفرض ضريبة وسطية تبلغ عشرة دولارات على الرأس الواحد بهدف عدم تشجيع مثل تلك الواردات. وتشكل هذه الفئة من الصلاحيات فرعاً واضح المعالم وأساسياً في الحكومة الاتحادية. وإذا كنا نريد فعلاً أن نغدو دولةً واحدة في أي مجال، فمن الواضح أن يتبدى ذلك في مجال العلاقات مع الدول الأخرى. إن صلاحية عقد المعاهدات وبعث السفراء وتقبّلهم تُفصح عن اللياقة في ذلك. وكل من هاتين الصلاحيتين تشملها بنود اتفاقية الاتحاد، مع فارق وحيد هو أن الاتفاقية لا تُربكها خطة المؤتمر، حين تستثني أن تلك المعاهدات قد يتم إحباطها إذا تعارضت مع تعليمات الولايات؛ وأن صلاحية تعيين واستقبال "الموظفين العامين الآخرين والقناصل" منصوص عليها بصراحة ومضافة بشكل سليم جداً إلى الشرط السابق المتعلق بالسفراء. إن لفظة "سفير" إذا ما فهمت في حدود مدلولها، كما يبدو أنه المقصود في الفقرة الثانية من بنود اتفاقية الاتحاد، تشمل الدرجة العليا وحدها من فئة الموظفين العامين، وتستبعد درجات الموظفين الآخرين في الدول التي قد تفضّل الولايات المتحدة ضرورة وجود سفارات لها فيها. ولا مجال هناك لأن تتوسع اللفظة في مدلولها فتشمل القناصل. ومع ذلك فقد لمس الكونغرس، الحاجة إلى ممارسة أن يتم توظيف شاغلي الدرجات الأدنى من الموظفين العامين من قبله هو، وأن يبعث الكونغرس القناصل ويستقبلهم. صحيح انه حين تشترط المعاهدات التجارية تبادل تعيين القناصل، الذين تتعلق وظيفتهم بالنشاط التجاري وترتبط به فإن استقبال الأجانب منهم يقع ضمن صلاحية عقد المعاهدات التجارية؛ وحيثما تقوم تلك المعاهدات، يكون إرسال قناصل أمريكيين إلى الأقطار الأخرى مشمولاً بالصلاحية المتضمنة في البند التاسع من اتفاقية الاتحاد، والذي ينص على تعيين جميع هؤلاء الموظفين المدنيين الضروريين لإدارة المصلحة العامة للولايات المتحدة. لكن تقبّل وجود قناصل على أرض الولايات المتحدة، حيث لم تشترط أية معاهدة سابقة مثل ذلك فهو أمر لا يبدو أنه قد جرى بحثه واحتيط بخصوصه. إن تقديم مثل على الحذف والنقص لهو أحد الأمثلة القليلة الأهمية التي أدخلها المؤتمرون على النمط الذي تقدمهم فحسّنوه. لكن أصغر الأمثلة تغدو دقيقة جداً وذات أهمية كبيرة حين تميل إلى تجنب الحاجة أو تحاشي السابقة خدمةً للاغتصاب التدريجي غير الملحوظ للسلطة. وهناك قائمة بالقضايا التي لم ينجح فيها الكونغرس، أو اضطر من جرّاء عيوب في اتفاقية الاتحاد، لأن يتعدّى صلاحياته المنصوص عليها بخصوصها، ولن تكون القائمة مفآجأة صغيرة للذين لم يعبروا أي اهتمام للموضوع؛ كما لن تكون مناقشة قليلة الجدوى لصالح الدستور الجديد، والذي يبدو أنه درس الهنات الصغيرة بجدية لا أقل من دراسة العيوب الكبيرة الواضحة في الدستور القديم. أما صلاحية تحديد ومعاقبة جرائم القرصنة وتجاوزات القانون في أعالي البحار، والجُنح في حال القانون الدولي فإنها تعود بكل لياقة وملائمة للحكومة العامة، وتظل بدورها تحسيناً كبيراً أدخل على بنود اتفاقية الاتحاد. إذ أن تلك البنود لا تتضمن أي شرط فيما يتعلق بالجنح ضد قانون الدول الأخرى؛ وبالتالي فهي تتركه ضمن سلطة أي عضو لا يتصف بالحكمة فيشوّه الاتحاد في نظر الدول الأجنبية. إن توفير البنود الفدرالية بخصوص موضوع جرائم القرصنة وتجاوزات القانون يتسع حتى يشمل إنشاء محاكم لمحاكمة مقترفي هذه الجنايات. وقد ترك تعريف جرائم القرصنة ربما، بدون ارتياح لذلك، للقانون الدولي؛ مع أن تعريفاً تشريعياً لتلك الجنح موجود في القوانين المحلية. والواقع أن تعريفاً للتجاوزات في أعالي البحار ضروري ومطلوب. إن لفظة "جناية" لفظة واسعة غير محدّدة حتى في القانون العام لبريطانيا وفي المدلول العام لقوانين تلك المملكة. لكنه لا القانون العام ولا القانون المتعارف عليه في تلك الدولة أو اية دولة أخرى – يجب أن يغدو المثال النموذجي للقانون الذي نضعه نحن، إلا ما قد يكون قد سبق أن تم تشريع تبنّيه. إن معنى اللفظة، كما تم تعريفه في تشريع عدة ولايات، سيكون شيئاً غير قابل للتطبيق وهادياً لا احترام له ولا معترفاً به قانوناً. بل نحن لا نجد ذلك التعريف هو نفسه في أي ولايتين، إذ يختلف في الواحدة عنه في الأخرى كلما تم تنقيح قانون الجبايات فيها، وسعياً وراء التوحيد والانسجام، من ثم، فإن سلطة تحديد الجبايات في هذه الحالة تغدو ضرورية من جميع الجوانب وأمراً مناسباً جداً. ويبقى تنظيم التجارة الخارجية، وقد خضع هذا لوجهات نظر متعددة، ناقشت هذا الموضوع، حتى نال حقه الوافي من البحث وبات في غير حاجة إلى إعادة البحث من جديد ولا تقديم الحجج الإضافية مرة ثانية.. لقد تم رفعه إلى الإدارة الفدرالية وانتهى الأمر. وقد تأكدت الرغبة في أن صلاحية تحرير استيراد العبيد لن يتم تأجيلها حتى سنة 1808، بل يحصل إعمالها على الفور. لكنه ليس من العسير الاعتماد على ما تم، لا بالنسبة إلى هذا التقييد على الحكومة العامة، ولا بالنسبة إلى الطريقة التي تم التعبير بها في هذه الفقرة من الدستور. ويجب اعتبار ذلك مكسباً جيداً أحرزته الإنسانية، إذ جعلت فترة عشرين سنة تُنهي إلى الأبد، ضمن هذه الولايات، استمرار أمر طال عهده من سياسة الهمجية الحديثة، بحيث يتم خلال الفترة المذكورة أن يلقى ذلك الأمر عدم تشجيع من الحكومة الفدرالية، بل قد يتم إلغاؤه بالكلية، باتفاق تتقدم به بضع ولايات تستمر في السماح بذلك التدقق غير الطبيعي ضد تحريم وافقت عليه الأكثرية العظمى من أعضاء الاتحاد. ويا لسعادة الأفريقيين المنكودين إذا انبسط لهم أفق فيه عدالة فطرح أمامهم إمكان تعويضهم عن المظالم التي ألحقها بهم إخوتهم الأوروبيون. لقد جرت محاولات لقلب مضمون هذه الفقرة وجعلها اعتراضاً ضد الدستور وعرضها بصفتها تمثل تسامحاً إجرامياً مع ممارسة واقعة صريحة. ذاك من جانب، ومن جانب آخر بصفتها محسوبة لإعاقة الهجرة الطوعية والخيّرة من أوروبا إلى أمريكا. وأنا أذكر سوء الفهم هذا لا بقصد الرد عليه وتقديم جواب عنه، كلا، فهو لا يستحق ذلك، وإنما أذكره كعيّنة للأسلوب والروح التي اعتبرها بعضهم مناسبة وصالحة لتسيير معارضتهم للحكومة المقترحة في طريقها. وأما الصلاحيات المتضمنة في الفئة الثالثة فهي تلك السلطات التي تضمن الانسجام في التواصل والخطاب ما بين الولايات. وتحت هذا العنوان فأما يمكن إدراج جميع القيود المفروضة على سلطة الولايات والأخرى المتعلقة بالمجال القضائي؛ فأنا القيود المفروضة على سلطة الولايات فهي محصورة ضمن فئة متميزة من القوانين، وسوف نتفحصها حين نـَعرض للبنية الهيكلية للحكومة. وسأقصر البحث هنا على مراجعة الصلاحيات المتبقية التي يمكن استيعابها وشمولها بالوصف الثالث: وهي تنظيم التجارة فيما بين عدد من الولايات وبين الهنود؛ وسك العملة، وتنظيم قيمة العملة المسكوكة والأجنبية أيضاً، وضمان إنزال العقوبة بمن يزيّف العملة المتداولة، وفي شئون الأمن لدى الولايات الأخرى؛ ووضع قاعدة موحدة للتجنّس؛ وقوانين موحدة للإفلاس؛ وتحديد الطريقة التي تعتمد لتوثيق المعاملات العامة، وحفظ السجلات، والإجراءات القانونية في كل ولاية، والتأثير الذي سيكون لتلك الإجراءات في الولايات الأخرى؛ وإنشاء مكاتب البريد والطرق التي يسلكها البريد أيضاً. إن عجز السلطة في الكونفدرالية الحالية عن تنظيم التجارة ما بين الأعضاء الكثيرين فيها يعود إلى كثرة الولايات التي تميزت بالخبرة في هذا المجال. وإضافة إلى الإثباتات والملاحظات التي أشارت إليها الورقات السابقة في هذا المجال، يمكن القول بأنه دون هذا الشرط الأساسي، فإن صلاحية الاتحاد الواسعة والأساسية لتنظيم التجارة الخارجية ستظل ناقصة وغير فعالة. إذ أن الهدف الحقيقي لهذه الصلاحية هو إنقاذ الولايات التي تستورد وتصدّر عن طريق ولايات أخرى من تحمّل الاشتراكات غير المناسبة التي تحملها عليها الولايات الأخرى. فلو كان لتلك الولايات مطلق الحرية في تنظيم التجارة بين الولاية والولاية الأخرى، لكان من السهل التنبؤ بأن طرقاً أخرى سيتم الوصول إليها لتحميل سلع الاستيراد والتصدير، أثناء عبورها الولاية المستوردة، عن طريق الجانب القضائي في الولايات الأولى – ضرائب تقع على كاهل الصانعين في الأولى والمستهلكين في الولايات الأخيرة. ولنا أن نطمئن من التجارب السابقة أن مثل هذا الإجراء سوف يُلجأ إليه من جراء التذمر في المستقبل؛ وبفعل ذلك ونتيجة للمعرفة العامة بشئون الناس فإن الحال الواقع يغذي المشاحنات والعداوات التي لا تتوقف، ولربما ينتهي إلى انفجارات شعبية خطيرة للهدوء في البلاد. وإلى أولئك الذين لا يرون المسالة من خلال الهوى أو المصلحة، لابد أن تظهر رغبة الولايات المتحدة في أن تجمع، بأي شكل وأية طريقة، إيراداً غير مباشر من جاراتها غير التجارية على أنه أمر للمراجعة قليل الأهمية ولا هو غير منصف؛ وذلك لأنها سوف تحفز الطرف المتضرر إلى الغضب وإلى الاهتمام باللجوء إلى قنوات غير لائقة لتجارتهم (الولايات) الخارجية. بيد أن صوت العقل الهادئ حين يعرض قضية دائمة وكبيرة نادراً ما يغرق حين يُعرض أمام الهيئات الشعبية أو الأفراد، ويتهاوى تحت الصراخ الحيّ المنبعث عن الرغبة في كسب مباشر لا اعتدال فيه. إن ضرورة وجود سلطة تتولى الإشراف على التجارة المتبادلة بين الولايات المنظمة أمر قد تم إيضاحه بضرب أمثلة أخرى غير مثال حالتنا هنا. ففي سويسرا حيث الاتحاد ضعيف الروابط نجد كل كانتون مجبراً قانوناً أن يسمح بمرور التجارة عبره إلى الكانتونات الأخرى، دون حاجة إلى الاقتراع على ذلك. وفي ألمانيا هناك قانون سائد في الإمبراطورية يمنع الأمراء والولايات أن يفرضوا ضرائب أو رسوماً على الجسور، والأنهار، ومناطق المرور بدون موافقة على ذلك من الإمبراطور ومجلس الديات؛ مع أنه يبدو من فقرة في الورقة السابقة أن تطبيق ذلك، شأن الحال في قضايا أخرى في تلك الكونفدرالية – لم يتّبع القانون، فنشأ عن عدم التطبيق كثير من المساوئ التي تنبّأنا عنها وتجنبناها. وبين القيود التي يفرضها اتحاد الأراضي الواطئة على أعضائه قيد أنه لا يجوز لأحدهم أن يفرض ما يسئ على جيرانه دون الموافقة على ذلك من جميع الأعضاء في الاتحاد. وتنظيم التجارة ما بين الولايات والقبائل الهندية غير مقيّد من الطرفين في بنود اتفاقية الاتحاد، مما يجعل الشروط غامضة ومتناقضة. فالسلطة هناك محصورة في جانب قبائل الهنود، غير الأعضاء في أية ولاية شريطة ألا يكسر ذلك أو يضيق حق التشريع في أية ولاية ضمن حدودها. أما أي توصيف لهنود يكونون أعضاء في ولاية فهو أمر لم يستقر بعد، وقد ظل مسالة دائمة الإرباك والأخذ والردّ في المجالس الفدرالية. أما كيف يتم تنظيم التجارة مع الهنود، الذين ليسوا أعضاء في الولاية لكنهم يقطنون ضمن مجالها القضائي – وعلى يد سلطة خارجية عن تلك الولاية دون تخطي أفق التشريع الداخلي لها، فذلك أمر لا يمكن استيعابه. وليست هذه هي الحالة الوحيدة التي جازفت فيها بنود اتفاقية الاتحاد ساعية لبلوغ المستحيل؛ للتوفيق بين سيادة جزئية من جانب الاتحاد، وبين السيادة الكاملة من جانب الولايات؛ ولتخريب بديهية رياضية عن طريق سلب جزء منها وإبقاء البديهية كلها كما هي. إن كل ما يتوجب ملاحظته عن صلاحية سك العملة، وتنظيم قيمتها، وقيمة العملة الأجنبية هو القول بأن الدستور باشتراطه تلك السلطة لصالح حكومة الاتحاد قد وفر عمولة حقيقية أو مورداً مالياً لها في بنود اتفاقية الاتحاد. إن سلطة الكونغرس الحالي في تنظيم سك العملة محصورة في صلاحيته هو، أو الولايات ذات العلاقة. ويجب أن يُلحظ على الفور أن التوحيد المقترح في قيمة العملة المتداولة شئ قد يتم تدميره والقضاء عليه عن طريق إخضاع قيمة العملة الأجنبية للتنظيمات المتباينة في الولايات المختلفة. وأما صلاحية عقوبة من يخدع الأمن العام أو يزيف العملة الرسمية فهي متروكة بطبيعة الحال إلى تلك السلطة التي تتكفل بضمان قيمة كل منهما. وأما قضية تنظيم الأوزان والمقاييس فهي منقولة من بنود اتفاقية الاتحاد، ومبنية على الاعتبارات التي تنضوي تحتها التنظيمات السابقة المتعلقة بسكّ العملة. والواقع أن التباين في قواعد التجنس أمر تم التنبه إليه من قبل بصفته غلطة في نظامنا كله، لأن ذلك التباين يثير قضايا بالغة الدقة والحساسية. ففي البند الرابع من بنود اتفاقية الاتحاد، يتم الإعلان صراحة أن لجميع السكان الأحرار في كل من هذه الولايات، المعدمين، والأفاقين، باستثناء الفارين من العدالة الحق في أن يتمتعوا بجميع امتيازات وحصانات المواطنين الأحرار في الولايات العديدة؛ ومن حق أهل كل ولاية وفي كل ولاية غيرها، أن يتمتعوا بجميع امتيازات العمل الحرفي والتجارة. الخ... وهناك عدم وضوح كبير جدا في العبارة؛ لماذا استعمل لفظة "سكان أحرار" في جزء واحد من البند ولفظة "مواطنين أحرار" في الجزء الآخر؛ أو ما الذي قصد إليه من الإضافة إلى عبارة "امتيازات وحصانات المواطنين الأحرار". ذاك أمر لا يمكن الجزم به بسهولة. لا بد أنه تركيب لغوي كان يعسر تجنبه. وعلى كل حال فإن أولئك الذين يندرجون تحت لفظة "سكان الولاية الأحرار" وإن لم يكونوا مواطنين في تلك الولاية – لهم الحق، في كل ولاية أخرى غير تلك، في التمتع بجميع حقوق المواطنين الأحرار في الولاية المعنية؛ أي أن لهم امتيازات أكبر مما يحق لهم في ولاياتهم ذاتها: بحيث تغدو أية ولاية معينة أو بالأحرى كل ولاية بمفردها، مجبرة أن تخلع حقوق المواطنة في الولايات الأخرى على أي فرد تقبل تمتعه بتلك الحقوق ضمن حدودها، بل إن تخلعها أيضاً على أي فرد تسمح له أن يقطن ضمن نطاق وسلطة القضاء فيها. لكنه لو تم طرح لفظة "سكان" في هذا الموضع بحيث يتم قصرها على امتيازات المواطنين وحدها، فإن الصعوبة تقل فقط، لكنها تظل موجودة. إن تلك السلطة غير المناسبة ستظل محتفظاً بها لكل ولاية في أن تجنس الغرباء في أية ولاية أخرى. ففي ولاية واحدة تجعل الإقامة لفترة محددة من الزمن لمن يقيم حق التمتع بجميع حقوق المواطنة: في حين تكون مؤهلات أكثر أهمية من مجرد الإقامة متطلباً ضرورياً للتجنس في ولاية أخر. من ثم، فإن الغريب بحكم تمتعه قانوناً ببعض الحقوق في الولاية أو الولايات الأخيرة – يستطيع، استناداً إلى إقامة سابقة فيها أن يتخلص من عدم أهليته؛ وهكذا يغدو قانون في ولاية واحدة هو القانون الأعلى والسائد على قانون ولاية أخرى، حتى ضمن مجال القضاء في تلك الأخرى. ويعود إلى الصدفة وحدها أنه تم التخلص من مشكلات جدية بخصوص هذا الموضوع حتى الآن. ولقد وضعت عدة ولايات توصيفاً محدداً للغرباء عنها الذين جعلوا أنفسهم عُرضة لفعل كل ما هو ذميم. وقد اضطرت تلك الولايات إلى وضع تلك القوانين بحكم تصرفات لا تنسجم أبداً مع حق المواطنة السليمة بل انطلاقاً من كونهم مواطنين بحكم واقع الإقامة. ماذا كان سيترتب عن ذلك لو أن مثل أولئك الأشخاص، سواء بحكم الإقامة أو بحكم سبب آخر، قد اكتسبوا صفة مواطنين بموجب قوانين ولاية ما؛ ثم ثبتوا استناداً إلى ذلك حقهم في الإقامة وحقهم في المواطنة، ضمن الولاية التي سبق أن صنفتهم؟ مهما كانت المترتبات القانونية ستكون، فإن من المحتمل أن تحصل مترتبات أخرى وتكون ذا طبيعة خطيرة لا يمكن الاحتراز منها ولا الحيطة تجاهها. غير أن الدستور الجديد، وبقدر كبير من اللياقة، قد احتاط منها، ومن جميع الأمور التي تنشأ عن نقص في اتفاقية الاتحاد بخصوص هذا الأمر، وذلك عن طريق تخويل حكومة الاتحاد أن تضع نظاماً موحداً للتجنس يُعمل به في جميع ولايات الاتحاد. هذا، وصلاحية وضع قوانين موحّدة لإعلان الإفلاسات لهو أمر وثيق الارتباط مع تنظيم التجارة في البلاد، وبفضل تلك الصلاحية يمكن تحاشي وقائع كثيرة أصلها الخدعة والاحتيال، من جرّائها يمكن أن يتم نقل ممتلكات الأطراف أو رؤوس أموالهم على ولايات أخرى. والحق، أن الحاجة الماسة لتلك الصلاحيات تبدو مسالة ضرورية عاجلة لا مناص من بحثها. إن صلاحيات القوانين العامة للاتحاد في أن تحدد طريقة وأسلوب المعاملات، وحفظ السجلات والإجراءات القانونية لكل ولاية صلاحية ستتم البرهنة على ضرورتها، فالآثار التي تركتها تلك الصلاحية في الولايات الأخرى، هي تحسين قيّم وواضح على الفترة المتعلقة بهذا الموضوع في بنود اتفاقية الاتحاد. فالمعنى في البند المشار إليه في اتفاقية الاتحاد غير جازم، ويمكن أن يغدو عديم الأثر أو قليل الأهمية حسب التفسير الذي يمكن أن يحمله ذلك البند. أما الصلاحية (السلطة) التي تم وضعها هنا (في بنود الدستور الجديد) فيمكن جعلها أداة فعالة مناسبة لخدمة العدالة، ونافعة بصورة خاصة على حدود الولايات المتنازعة، حيث يمكن تفسير الآثار التي تتعرض لها العدالة، تفسيراً سرياً، في أية مرحلة من مراحل العملية بموجب التشريع الأجنبي. وأما صلاحية إنشاء طرق بريد في الولايات فهي صلاحية لا تحمل أي أذى، بل إنها، إذا ما لقيت إدارة قضائية حسنة قد تغدو وسيلة إنتاج كبيرة لارتياح المواطنين. ليس هناك شئ ينحو إلى تسهيل التواصل ما بين الولايات يمكن اعتباره غير أهل للرعاية العامة. بوبليوس _______________________ - الأوراق الفيدالية/الكسندر هاملتون، جميس ماديسون، وجون جاي؛ ترجمة عمران أبو حجلة، مراجعة أحمد ظاهر- عمان: دار الفارس للنشر والتوزيع، 1996. ص 304-313. العودة للصفحة الرئيسية |