جيمس مادسون James Madison 25 يناير، 1788 إلى أهالي ولاية نيويورك: وتتكون الفئة الخامسة من الاشتراطات التي تسند السلطة الفدرالية، من القيود التالية على سلطات عدد من الولايات. 1- "يُحرم على أية ولاية أن تدخل في أي معاهدة أو تحالف أو كونفدرالية أو تمنح براءة اختراع، أو تسكّ عملة، أو تصدر وثائق اعتماد، أو تجعل أي شئ سوى الذهب والفضة عملة قانونية لدفع الديون، أو تقر أي لائحة للتجريد من الحقوق المدنية لأي شخص، أو تسنّ قانوناً يخلّ بالالتزام بالعقود، أو تمنح أي لقب بالنبالة". إن منع عقد الاتفاقيات والتحالفات والكونفدراليات يشكل جزءاً من اتفاقية الاتحاد الحاليّة؛ ولا حاجة على الإطلاق إلى تفسير أنه تم نقل ذلك إلى الدستور الجديد. أما منع إصدار وتسجيل علامات تجارية فهو الآخر جزء من الدستور القديم، وإنما تم توسيعه فقط في الدستور الجديد. ووفق الدستور القديم كان يجوز أن يتم تسجيل العلامات التجارية ومنحها من قبل الولايات بعد إعلان الحرب؛ أما وفق الدستور الجديد فإنه يجب أن يتم الحصول على هذه الرخص في أثناء الحرب كما هو قبل إعلانها، ومن لدن حكومة الولايات المتحدة وحدها. وهذا التغيير مبرر تماماً بضرورة التوحيد والانسجام في جميع المسائل التي تتعلق بالدول الأجنبية؛ وبالمسئولية المباشرة تجاه الأمة عن جميع القضايا التي يتوجب أن يكون تصرف الأمة مسئولاً عنها. إن حق سك العملة الذي سُلب من الولايات في هذا الدستور، إنما ترك في يديها في اتفاقية الاتحاد باعتباره حقاً كان سارياً ومسموحاً به من قبل الكونغرس، بموجب استثناء من الحق الكلي للكونغرس في أن يحدد مواصفات سبيكة النقد التي تسك ويضع قيمة لها. وفي هذه الحالة أيضاً يكون البند الجديد مجرد تحسين لما ورد في القديم. ففي حين كانت السبيكة وقيمتها ترتكز إلى السلطة العامة للاتحاد، فإن حق سك العملة في ولايات معينة ما كان له أن يؤثر إلا في مضاعفة عدد دور سك العملة المكلفة وتنويع أشكال وأوزان قطع النقد المستعملة. إن عدم المناسبة الأخيرة هذه تلغي أحد الأهداف التي من أجلها رُفعت الصلاحية أصلاً من الولايات وأوكلت إلى الرأس الفدرالي، وبقدر إمكان أن يتحاشى ذلك الرأس إرسال الذهب والفضة إلى دار سك العملة الرئيسة فإنه يمكن بلوغ الغاية نفسها عن طريق دور للسك يتم تأسيسها بإشراف السلطة العامة، سلطة الاتحاد. أما توسيع هذا المنع ليشمل لوائح الاعتماد فمن شأنه أن يوفر شعوراً بالغبطة لكل مواطن أمريكي انطلاقاً من محبته للعدالة ومعرفته بالينابيع والمصادر التي تغذي جدول الازدهار في الوطن. إن الخسارة التي تكبدتها أمريكا منذ قيام السلام، بفعل الآثار المؤذية التي خلفتها العملة الورقية على الثقة الضرورية بين رجل ورجل، وعلى الثقة الضرورية في المجالس العامة، وعلى جد ومعنويات المواطنين، وعلى طبيعة الحكم الجمهوري، تشكل ديناً ضخماً في غير صالح الولايات المضطرة لتسديد مترتبات ذلك القانون غير السليم، وستبقى ديناً لم يتم تسديده لمدة طويلة، أو بالأحرى تراكماً للذنب والجريمة، لا يمكن التخلص منه بأية طريقة إلا بالتضحية الطوعية على مذبح العدالة من – قبل السلطة التي كانت سبباً فيه. وعلاوة على هذه الاعتبارات المقنعة تماماً، يستطيع المرء أن يلحظ أن الأسباب ذاتها التي تبين ضرورة تجريد الولايات من حق إصدار العملة هي أسباب تثبت بنفس القدر من القوة أنه لا يجوز لتلك الولايات أن تتمتع بحرية استبدال واسطة ورقية بديلاً للعملة. لو كان لكل ولاية الحق في تنظيم قيمة عملتها لنشأ عدد كبير من العملات بقدر عدد الولايات، ومن ثم برزت معوقات كبيرة في التبادل ما بينها، ولحدث تباين في قيمة العملة بين ولاية وأخرى، وهكذا حصل أذى ولحقت أضرار بمواطني الولايات الأخرى، كما برزت عداوات وضغائن فيما بين الولايات نفسها. ولربما عانى رعايا الدول الأجنبية كثيراً من هذا السبب، ومن ثم انفقدت الثقة في دولة الاتحاد، وتم خلق اضطراب وفوضى جرّاء عدم تصرف أحد أعضاء الاتحاد بحكمة وتعقل. ليس أي من صنوف الأذى هذه أقل اتفاقاً مع منح السلطة للولايات لإصدار عملة ورقية من تطابقه مع حق سك العملة الذهبية أو النقد بالفضة. إن حق وسلطة إصدار أية عملة غير الذهب والفضة لسداد الديون ودفع الالتزامات يجب أن يُسحب من الولايات، انطلاقاً من المبدأ نفسه مثل مبدأ إصدار عملة ورقية. إن إصدار أي قانون بتجريد المواطن من حقوقه المدنية، وأي قانون للإخلال بالتزامات العقود – هي قوانين نقيضة للمبادئ الأولية في وحدة المجتمع، كما هي نقيضة لكل مبدأ في التشريع السليم. وقد مُنع كل من هاتين طبقا لما تم إعلانه في مقدمة دساتير الولايات، كما تحرمه جميع لوائح القوانين في شكله ومضمونه. ولقد علمتنا تجربتنا الخاصة، على كل حال، أن التوقّي الزائد ضد جميع هذه الأخطار هو توق لا يجوز حذفه والاستغناء عنه. لذا كان من اللائق جداً أن أضاف المؤتمر هذا الاحتراز الدستوري القوي خدمة لصالح الضمان الشخصي وحقوق الفرد؛ وإنني لأشعر بالغش والخداع لو لم يعد المؤتمرون بكل إخلاص ويستشيروا مشاعرهم الأصلية ويتحسسوا المصالح الصادقة للذين فوضوهم. إن المواطنين العقلاء في أمريكا قد أرهقتهم السياسة المتقلبة التي ظلت حتى الآن توجه المجالس العامة. لقد رأوا بكل أسف ومهانة أن التغيرات المفاجئة والتدخلات في مجال التشريع، في القضايا التي تمس حقوق الأفراد، - قد باتت آلة في يدي المغامرين والمفكرين النظريين النافذين، وفخاخاً تقع فيه تلك الطائفة الجادة في العمل والأقل إطلاعاً من طوائف المجتمع. ولقد رأوا أن تدخلاً تشريعياً واحداً لا يعدو أن يكون حلقة أولى ضمن سلسلة طويلة من التكرارات، وأن كل تدخل لاحق هو بطبيعة الحال وليد من الآثار التي سبقته. ومن ثم فإنهم يدعون وبحنق، إلى أن إصلاحاً جذرياً هو الذي نحن في حاجة إليه، وهو الذي سيلغي التخمينات التي تدخل على القوانين العامة، ويبعث فيها حكمة عامة وجديّة، ويهب سيراً منتظماً لعمل المجتمع ككل. أما التحريم المتعلق بألقاب النبالة فقد تم استنساخه من نصوص اتفاقية الاتحاد، وهو في غير حاجة إلى تعليق. 2- "لا يحق لأية ولاية دون موافقة من الكونغرس أن تفرض أية رسوم أو ضرائب على الواردات أو الصادرات إلا ما كان يلزم ضرورةً لتطبيق تعليمات التفتيش في تلك الولاية، وعلى أن تعود حصيلة جميع تلك الرسوم والضرائب التي تفرضها الولاية على الواردات أو الصادرات إلى مصلحة الخزينة العامة للولايات المتحدة؛ كما يجب أن تكون جميع هذه القوانين خاضعة للتنقيح والإشراف من قبل الكونغرس، ولا يحق لأي ولاية دون موافقة تحصل عليها من الكونغرس أن تفرض أية رسوم على النقل، أو تحتفظ بجنود أو بوارج حربية في أوقات السلم، أو تدخل في أية اتفاقية أو حلف مع ولاية أخرى، أو مع دول أجنبية، أو تدخل في حرب إلا إذا وقع غزو فعلي عليها أو تعرضت لخطر ظاهر لا يسمح بتأخير ذلك". إن تقييد صلاحيات الولايات في حال الواردات والصادرات شئ تعززه جميع المناقشات التي تثبت الحاجة إلى رفع التعليمات التجارية إلى المجالس الفدرالية. لذا فإنه لا حاجة للتعليق على هذا الأمر، أكثر من القول بأن ذلك القيد على الصفة التي جاء بها إنما جاء في محله بحق، كي يضمن للولايات قدراً من التبصر في ضمان الملاءمة فيما تستورده وتصدره، وقيداً مناسباً للولايات المتحدة ضد سوء استعمال هذا التبصر. أما التفضيلات المتبقية لهذه الفقرة في الدستور فهي تقع ضمن التعليلات التي يمكن القول إنها إما شديدة الوضوح أو قد تمت مناقشتها وتطويرها بصورة وافية حتى ليمكن المرور بها بدون أية ملاحظة. وتتألف الفئة السادسة أو الأخيرة من الصلاحيات والشروط التي تضفي الفعالية وتمنحها للفئات السابقات. 1- "وأولى هذه الصلاحيات هي صلاحية سن جميع القوانين الضرورية والمناسبة للقيام بتنفيذ الصلاحيات المذكورة وجميع الصلاحيات الأخرى التي يخولها هذا الدستور لحكومة الولايات المتحدة أو لأي دائرة أو مكتب تابع لها". إن أقساماً قليلة من الدستور قد هوجمت بتطرف أكثر من هذا؛ ومع ذلك فإن استقصاءً منصفاً لهذا الأمر، كما بينا في موضع سابق، يُظهر أنه ليس هنالك أي قسم من الدستور أمنع على المهاجمة من هذا القسم، وبدون جوهر هذه الصلاحية يغدو الدستور بكامله رسالة جوفاء لا غناء فيها. وأولئك الذين يعترضون على هذا البند من الدستور بصفته جزءاً منه ليس في وسعهم أن يعنوا غير أن شكل الشرط "وهيئته" غير مناسبة. ترى هل فكروا فيما إذا كان يمكن استبدال الشكل الحالي هذا بشكل آخر؟ هنالك أربع طرق أخرى كان يمكن أن يسلكها الدستور بصدد هذا الموضوع. كان بمقدور أصحاب الاعتراض أن يستنسخوا البند الثاني من اتفاقية الاتحاد الحالية، والتي تمنع ممارسة أية صلاحية لم يتم تفويضها بصورة واضحة؛ وكان بمقدورهم أن يحاولوا إيراد تعداد إيجابي للصلاحيات المشمولة ضمن لفظتي "ضروري ومناسب" العامتين؛ وبمقدورهم إيراد تعداد سلبي لتلك الصلاحيات عن طريق تحديد الصلاحيات المستثناة من التعريف العام؛ كما كان بمقدورهم أيضاً أن يصمتوا حول الموضوع، تاركين لتلك الصلاحيات الضرورية والمناسبة أن تتشكل وتبرز فيما بعد. لو سلك أعضاء المؤتمر الطريق الأولى فتبنوا البند الثاني من اتفاقية الاتحاد لظهر جلياً أن الكونغرس الجديد في تلك الحال سيظل بصورة موصولة عرضةً، كما كان أعضاء المؤتمر أسلافهم، إلى خيار إدراك معنى لفظة "بصراحة"، بصورة فيها حدة تكفي لأن تجرد الحكومة من جميع سلطتها بالكلية، أو بشمولية تكفي لأن تدمر بالكلية قوة القيد والاحتراز المذكور. وسيكون من السهل على المرء في تلك الحال أن يبين، إذا دعت الحاجة، أنه ليس هنالك صلاحية مهمة تفوضها بنود اتفاقية الاتحاد ويستطيع أن يطبقها الكونغرس دون الرجوع بصورة أو أخرى إلى مبدأ تحميل اللفظ ما يشاء. ولما كانت السلطات التي تم تفويضها بموجب النظام الجديد أكثر شمولاً فإن الحكومة التي ستقوم بالإدارة سوف تجد نفسها أكثر شعوراً بالإحباط والتذمر من البديل والنقيض، ألا وهو خيانة المصلحة العامة وعدم فعل أي شئ، أو الاضطرار إلى خرق الدستور عن طريق ممارسة سلطات لا غنى عنها، ضرورية ومناسبة، لكنها في نفس الوقت لم تخوّل إليها "بصراحة". ولو حاول المؤتمرون سرد تعداد إيجابي للصلاحيات الضرورية والمناسبة لتفعيل السلطات بصورة مؤثرة، لكانت المحاولة هذه سوف تتضمن تمثلاً كاملاً للقوانين بصدد أي موضوع متعلق بالدستور؛ وتكييف ذلك لا وفق الوضع الحالي للأمور بل، وفق جميع التغيرات الممكنة التي قد تنشأ في المستقبل، لأنه عند أي تطبيق جديد لسلطة عامة، لابد أن تختلف السلطات الخاصة، - والتي هي وسيطة لبلوغ الهدف المنشود من السلطة العامة – اختلافاً ينتج بالضرورة، وبحسب تغير هذا الهدف، بل قد يتم اختلافها أحياناً كثيرة حتى في حال بقاء الهدف المنشود لم يتغير. ولو أنهم حاولوا تعداد السلطات الخاصة أو الوسائط الضرورية والمناسبة لتطبيق السلطات العامة ووضعها موضع التنفيذ لكان عملهم هذا ليس أقل من ذلك خيالية وأوهاماً، ولغدا عرضة لأن يواجه اعتراض أن كل نقص في التعداد سيكون مساوياً لمنع إيجابي للسلطة. ولو، حاول المؤتمرون، تحاشي هذه النتيجة فأوردوا قائمة جزئية بالمستثنيات، ووصفوا الباقي بالعبارة العامة "لا ضروري ولا مناسب" لكان لا مناص من ألاّ تضم القائمة سوى عدد محدود من الصلاحيات أو (السلطات)؛ بحيث سيكون من الصعب احتمال افتراض تلك السلطات أو تقبّلها أو التسامح بها، لأن التعداد بطبيعة الحال سوف ينتقي السلطات الأقل ضرورة أو مناسبة من غيرها؛ في حين أن الصلاحيات غير الضرورية وغير المناسبة التي تندرج تحت المتبقي سوف تستثنى بقوة أقل مما لو حصل ذلك التعداد الجزئي أصلاً. ولو ظل الدستور صامتاً بخصوص هذا الموضوع لما كان هنالك شك في أن جميع الصلاحيات المعينة والمطلوبة كوسيلة لإعمال السلطات العامة قد حصلت للحكومة (الإدارة) عن طريق التضمين الذي لا مناص منه. ليس هنالك بديهية أكثر وضوحاً ورسوخاً في القانون ولا في المنطق من أنه حيث تنشد الغاية يتم تخويل الوسيلة لبلوغها؛ وحيثما تمنح السلطة العامة لفعل شئ تكون السلطة الخاصة الضرورية لفعل ذلك متضمنة فيها بدون ريب. ولو تم اتباع هذه الطريق من جانب المؤتمرين، لكان كل اعتراض يُثار الآن ضد خطتهم التي سلكوها سيظل على أشده، ولنشأ الضيق نتيجة لعدم إزالة سابقة يمكن اقتناصها في المناسبات الحرجة لإثارة السؤال عن الصلاحيات الأساسية للاتحاد. وإذا سال بعضهم عما سيترتب في حال أن أساء المؤتمر فهم هذا الجزء من الدستور ومارس صلاحيات غير مخولة له بالمعنى المقصود في النص، فجوابي الشخصي عن ذلك هو نفس الجواب كما لو أن المؤتمرين قد أساؤوا فهم أي قسم من السلطة المخولة إليهم أو وسعوا حدوده؛ وكما لو أن السلطة العامة قد جرى تقليصها إلى مواقع معينة، وتعرض أي من هذه المواضع للخرق؛ وهو باختصار الجواب نفسه كما لو تجاوزت المجالس التشريعية في الولايات سلطاتها الدستورية النوعية. ففي الحالة الأولى سوف يعتمد النجاح في اغتصاب السلطة على الدوائر التنفيذية والقضائية، التي عليها أن تفسّر التشريع وتهبه الفعّالية السليمة؛ ثم تعرض في آخر الأمر علاجاً يمنحه المواطنون الذين بمقدورهم، عن طريق انتخاب ممثلين أكثر إخلاصاً لبلادهم – أن يلغوا أفعال الجماعة المغتصبة للسلطة.1 والحقيقة أن هذا التعديل الأخير يمكن جعله أضيق ضد الأفعال غير الدستورية من قبل التشريع الفدرالي أكثر من تضييقه من قبل تشريع الولاية. والسبب في ذلك واضح تماماً، وهو أن كل عمل من هذا القبيل يأتيه التشريع الفدرالي سيكون تعدياً على حقوق تشريع الولاية، وسيكون أهلها مستعدين على الدوام للتشهير بالبدعة، ونفخ بوق الإنذار لمواطنيهم كي يبذلوا نفوذهم المحلي من أجل إحداث تغيير في الممثلين الفدراليين. وبحكم عدم وجود هيئة وسطية بين مشرّعي الولاية والمواطنين المهتمين بمراقبة تصرفات وسلوك المشرعين السابقين، فإن حصول التجاوزات على دساتير الولايات أكثر احتمالاً لأن يبقى غير ملحوظ ولا يتم تعديله. 2- "إن هذا الدستور وقوانين الولايات المتحدة التي ستوضع بموجبه وجميع المعاهدات المعقودة أو التي سيتم عقدها بموجب سلطة الولايات المتحدة ستكون هي القانون الأعلى في البلاد، وسيكون القضاة في كل ولاية ملزمين بالعمل بموجبها، وكل شئ في دستور أية ولاية، وقوانينها التي تناقض ذلك – ستكون باطلة يُلغى مفعولها". إن الحماس غير الحكيم لدن أعداء الدستور قد دفعهم إلى مهاجمة هذا الجزء منه أيضاً، مع أنه بدونه سيغدو من الواضح أنه دستور ناقص أصلاً. ولإدراك هذا ما علينا إلا أن نفرض لوهلة أن سيادة الولايات قد أبقيت كاملة بإيراد عبارة خاصة تكون في صالحها هي. ففي المقام الأول، لما كانت هذه الدساتير تخول مجلس التشريع في الولاية السيادة المطلقة في جميع القضايا التي لا تستثنيها اتفاقية الاتحاد الحالية، فإن جميع السلطات التي يشملها الدستور المقترح، بالقدر الذي تزيد فيه عن تلك الواردة في اتفاقية الاتحاد تكون قد ألغيت، ويكون على الكونغرس الجديد أن ينكمش على أن يعاني مثل العجز الذي عانته سابقاته. وفي المقام الثاني، لما كانت الدساتير في بعض الولايات لا تعترف بشكل صريح واعترافاً كاملاً بالسلطات الحالية للاتحاد، فإن توفير الإبقاء الصريح لسيادة تلك الولايات قد تثير التساؤل حول كل سلطة يشملها الدستور المقترح. وفي المقام الثالث، ولما كانت دساتير الولايات تختلف كثيراً عن بعضها، فقد يحصل أن معاهدة أو قانوناً وطنياً ذا أهمية متساوية وعظيمة لجميع الولايات سوف يتعارض مع بعض الدساتير ولا يفعل مع الأخريات، وبالتالي فإنه يكون نافذاً في بعض الولايات وغير نافذ في ولايات أخرى في الوقت نفسه. ومجمل القول، إن العالم إذ ذاك سيشهد لأول مرة في التاريخ، نظاماً من الحكم يقوم على أساس قلب المبادئ الأساسية لكل أنواع الحكم؛ سيشهد أن تكون سلطة المجتمع بكامله في كل موطن هي أقل درجة من سلطة كل جزء بمفرده من ذلك المجتمع؛ وسيرى مارداً يظل رأسه خاضعاً لتوجيه أعضاء جسده الأخرى. 3- "يحلف الشيوخ والنواب وأعضاء المجالس التشريعية في الولايات وجميع موظفي السلطة التنفيذية والسلطة القضائية في الولايات المتحدة ككل وفي عدة ولايات – قسم الولاء لهذا الدستور ويلتزمون بذلك القسَم". لقد تم توجيه السؤال عن السبب الذي يجعل من الضروري إلزام الموظفين الكبار في الولاية بتأييد الدستور الفدرالي، وقيل إنه من غير الضروري فرض قسم مثل هذا على موظفي الولايات المتحدة، مراعاةً لدساتير الولايات. يمكن ذكر عدة أسباب لهذا التمييز، لكني أكتفي هنا بواحد منها فقط أجده يتصف بالوضوح والشمول. إن أعضاء الحكومة الفدرالية لن يوكل إليهم تنفيذ دساتير الولايات بالفعل. أما أعضاء وموظفو حكومة الولاية فهم على العكس هم أصحاب الوكالة الأصلية في إعمال وتطبيق الدستور الفدرالي. إن انتخاب رئيس الاتحاد وأعضاء مجلس الشيوخ سوف يعتمد في جميع الأحوال على المجالس التشريعية لعدة ولايات. كما أن انتخاب مجلس النواب سوف يعتمد بنفس القدر على السلطة نفسها بصورة أولية؛ ومن المحتمل أن يتم إجراء ذلك الانتخاب على يد موظفي الولايات أنفسهم وبحسب قوانين الولايات أيضاً. 4- بين الشروط التي تمنح فعالية للسلطات الفدرالية يمكن أن تضاف الشروط المتعلقة بالدائرة التنفيذية والدائرة القضائية: لكن، لما كانت هذه الشروط سوف يتناولها تدقيق خاص في موضع آخر فإنني أترك ذلك الآن في هذه الورقة. لقد قمنا حتى الآن بمراجعة، تفصيلية لجميع البنود التي تشكل صلب السلطات المفوضة إلى الحكومة الفدرالية بموجب الدستور المقترح، وتوصلنا إلى الاستنتاج الذي لا يمكن إنكاره، وهو أنه ليس هناك أي قسم من السلطة هو غير ضروري أو غير مناسب من أجل إنجاز الأهداف الضرورية للاتحاد. والسؤال الآن هو ما إذا كان يمكن منح هذا القدر من السلطة أو منعه، وهو سؤال يثير سؤالاً آخر حول ما إذا كانت حكومة تفي بأهداف وحاجات الاتحاد هي التي يراد تأسيسها، وبكلمات أخرى ما إذا كان الاتحاد نفسه هو الذي تجب صيانته والحفاظ عليه. بوبليوس _______________________ - الأوراق الفيدالية/الكسندر هاملتون، جميس ماديسون، وجون جاي؛ ترجمة عمران أبو حجلة، مراجعة أحمد ظاهر- عمان: دار الفارس للنشر والتوزيع، 1996. ص 326-335. 1- (المراجع). Annual the acts of the usurpers ورد في النص كالتالي العودة للصفحة الرئيسية |